قال في «المجمع» : وكلا الأمرين حسن في اللغة قلت : لكنّ القراءة مبنيّة على التوقيف.
(وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) تأخيرهما لزيادة التهويل مع أنّه روعي في الترتيب الذكري الترتيب الوجودي بينهما على ما هما عليه ، وإن لم يساعده حواسّنا الظاهرة ، فإنّ البرق يرى قبل سماع الرعد ، وذلك لأنّ الصوت لا بدّ له من حركة الهواء أو تموّجه ، ولا حركة دفعيّة فيحتاج إلى زمان ، ولا كذلك في الرؤية على ما قرّر في محلّه ، والبرق ما يلمع من السحاب من برقت السماء بروقا إذا لمعت ، وللبحث عن حقيقتهما موضع آخر.
وجعل المطر ظرفا لهما على الاتّساع فانّهما في أعلاه ومصبّه ، فإنّ الظرفية متعذّرة والتلبّس حاصل في السحاب في المطر الّذي لم ينفصل بعد عنه ، بل مطلقا ، وقد شاع الاتّساع في الظروف ، كقولك : فلان في البلد ، وفيه العلم والتقى.
(يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) استيناف ، لأنّه لمّا ذكر الظلمات والرعد والبرق على ما يؤذن الشدّة والهول فكأن قائلا قال له : فكيف حالهم مع مثل ذلك الرعد؟ فقيل : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) ، وذكر الصواعق لا تنافي المطابقة ، بل تؤكّد تهويل الوعد المسئول عنه.
ويحتمل كون الجملة حالا من ذوي صيّب ، أو نعتا له ، وعلى الأحوال والضمير لهم مع كون اللفظ محذوفا قائما مقامه ، صيّب لبقاء المعنى فيه ، كبقائه في قوله : (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) بعد ذكر القرية وإرجاع الضمير إليها حيث قال : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) (١) وفي قول حسّان (٢) :
__________________
(١) الأعراف : ٤.
(٢) حسّان بن ثابت المنذر الخزرجي الانصاري شاعر النبي صلىاللهعليهوآله توفي سنة (٥٤ ه) بالمدينة عن (١٢٠) سنة كأبيه وجدّه.