وعن الراغب (١) : أنّ اللفظين متقاربان في المعنى وهو الهوّة الكبيرة ، إلّا أنّ الصقع في الأجسام الأرضية ، والصعق في الأجسام العلويّة.
أقول : لا يخفى أنّ الصقع بمعانيها المعروفة غير شديد المناسبة بالمقام ، ولا بعد في القلب في المستعمل منه بمعنى الصعق لا مطلقا كي يردّ بكثرة التصرّف.
ولذا قال الجوهري : وصقعته الصاعقة لغة في صعقته الصاعقة ، مع تنبيهه على معاني الصقع الّتي هي أجنبية عن المقام.
(حَذَرَ الْمَوْتِ) مفعول على العلّة لقوله تعالى : (يَجْعَلُونَ) وتعريفه غير منكر ، خلافا لمن أوجب تنكيره ، ويردّه الآية ، وقول حاتم (٢) :
وأغفر عوراء الكريم ادّخاره |
|
وأعرض عن شتم اللئيم تكرّما |
فلا داعي إلى التكلّف بالتأويل في الآية بحاذرين الموت لتكون الإضافة لفظيّة.
والموت فساد بنية الحيوان ، أو مفارقة الروح عن البدن ، والأظهر أنّه أمر وجوديّ يضادّ الحياة ، لقوله تعالى : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) (٣) ، وما ورد من أنّهما خلقان من خلق الله فإذا جاء الموت فدخل في الإنسان لم يدخل في شيء إلّا وقد خرجت منه الحيوة ، وغير ذلك ممّا يأتي في مورده ، فإطلاقه إنما هو باعتبار حالة الإفتراق ، لا مجرّد عدم التركيب والاجتماع.
وقرأ ابن ابي ليلى : حذار الموت.
(وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) إحاطة بحسب العلم ، فيعلم أسرارهم ويعلم نبيّه على ضمائرهم ، والقدرة فلا يستطيعون الخروج عن قدرته ، ولا يفوتونه كما لا
__________________
(١) ابو القاسم الحسين بن محمد الراغب الأصبهاني اللغوي الماهر توفّي سنة (٥٦٥) ه
(٢) هو حاتم الطائي عبد الله بن سعد القحطاني شاعر جواد فارس مات سنة (٤٦) قبل الهجرة.
(٣) الملك : ٢.