يفوت المحاط به المحيط ، قال الشاعر :
أحطنا بهم حتى إذا ما تيقّنوا |
|
بما قد رأوا مالوا جميعا الى السلم |
أي قدرنا عليهم. أو أنّ الله مهلكهم جزاء بما كسبت أيديهم لا تخلّصهم الخداع والحيل ، من قولك : أحيط بفلان فهو محاط به إذا هلك أو دنى هلاكه ، ومنه قوله تعالى : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) (١) أي أصابه ما أهلكه ، وقوله : (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) (٢) أي أن تهلكوا جميعا.
أو جامعهم يوم القيامة ، يقال : أحاط بكذا ، إذا لم يشذ منه شيء ، ومنه : (أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (٣) أي لا يشذّ عن علمه شيء والجملة معترضة للتنبيه على أنّه لا ينفعهم الحذر عن الموت ، وما بعده من العقبات والعقوبات.
وفائدة وضع الكافرين موضع الضمير التنبيه على كفرهم واستحقاقهم شدّة الأمر عليهم كقوله : (أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ، وقد تجعل من أحوال المشبّه فالمراد بهم المنافقون وسّطت تنبيها على فرط الاهتمام بشأن المشبّه ودلالة على شدة الاتصال بينه وبين المشبّه به.
وفي إيثار الإسم الجامع المقدّم والاخبار عنه بالجملة الاسميّة وتنكير المفرد وتعريف الجمع ما لا يخفى من الجزالة والفخامة.
__________________
(١) الكهف : ٤٢.
(٢) يوسف : ٦٤.
(٣) الطلاق : ١٢.