الدّلالة المأخوذة في البطون على الوجه المقرّر في محلّه ، فالخطاب النازل من سرادق قدس العظمة والرّبوبيّة يتوجّه أوّلا إلى ما هو الألطف الأشرف الأصفى الأعلى من مراتب الوجود لبطلان الطّفرة وتبعيّة الأسفل للأعلى على وجه المظهريّة ثمّ المراد بالرّوح هو مقام الفؤاد المعبّر عنه بالخطاب الفهواني ورتبة المكافحة وحضرت المشيّة الجزئيّة والنهر المنشعب من البحر الأبيض ، واختصاصه باداة النداء لقيامه به قياما وجوديّا في الخطاب التكويني كما أنّ اختصاص القلب بأيّ لسرعة انقلابه الّذي ناسب الإبهام الكلّي ، والنفس بحرف التنبيه المجانس لضمير الغائب لكمال بعدها عن ساحة القرب والحضور ودنوّها من عالم الغفلة والغرور.
والنّاس من أسماء الجموع المحلّاة باللّام الشاملة بعمومها لمن دخل تحت هذا النّوع بلا فرق بين الذكر والأنثى والحرّ والعبد والصّغير والكبير والعاقل والمجنون والسعيد والشقي ، إلا أنّه قد خرج عن شموله من ارتفع عنه التكليف بالدّليل العقلي والسمعي فيبقى الباقي بلا فرق بين المؤمن والكافر.
وأمّا ما تظافر نقله عن ابن عباس والحسن (١) وعلقمة (٢) من أنّ ما في القرآن من (يا أَيُّهَا النَّاسُ) فانّه نزل بمكّة وما فيه من (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فانّه نزل بالمدينة فلم يثبت عندنا فيه شيء ، وعلى فرضه فلا دلالة فيه على اختصاص الخطاب على الأوّل بمشركي مكّة ، وعلى الثاني بالمؤمنين لأنّه تخصيص من غير دليل مضافا إلى كثرة المسلمين بمكّة والكفّار بالمدينة ، على أنّهم قد صرّحوا بأنّ كثيرا من السور المشتملة على الخطاب الأوّل مدنيّة كسورة البقرة والنّساء والحجرات وغيرها وكذا العكس ، والتكلّف بكون المراد بالمكّي في هذا المحكي ما كان خطابا لمشركي مكّة
__________________
(١) هو الحسن بن يسار البصري التابعي المتوفى بالبصرة سنة (١١٠) ه
(٢) هو علقمة بن مرثد الحضرمي الكوفي المتوفى (١٢٠) ه