هذا مضافا إلى الأخبار الدّالة على وجوب طلب العلم (١) على المسلم ، حيث علق الحكم عليه دون مطلق المكلّف أو البالغ العاقل ، مع أنّه لم يعهد عن النّبي صلىاللهعليهوآله أنّه أمر واحدا ممّن دخل في الإسلام في زمانه بالغسل من الجنابة مع أنّه قلّ ما ينفكّ أحدهم في تلك الازمنة المتطاولة منها ، ولو أنّه أمر واحدا فضلا عن عامّة المكلّفين بذلك لشاع وذاع ، وأمّا ما رواه العلّامة في «المنتهى» عن قيس (٢) بن عاصم وأسيد (٣) بن حضير ممّا يدلّ على أمر النّبي صلىاللهعليهوآله بالغسل لمن أراد أن يدخل في الإسلام فليس في كتب أخبارنا ، والظاهر أنّه عامي فلا ينهض حجّة ، ويدلّ عليه أيضا اختصاص الآيات القرآنيّة ب (الَّذِينَ آمَنُوا).
وأمّا ما ورد من قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) فهو مع قلّته محمول على المؤمنين حمل المطلق على المقيّد ، والعام على الخاص ، كما هو القاعدة المتّفق عليها بينهم هذا غاية ما استدلّوا به في المقام.
والجواب عن الأوّل أنّ الأصل منقطع بالأدلّة الدّالة على عموم التكليف في زمن الخطاب كما في الآية وفي قوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (٤) ، وقوله : (أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) (٥) بل وقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٦) ونحوها تدلّ.
على اشتراك الجميع في التكليف ، فإنّ حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة ،
__________________
(١) بحار الأنوار ج ١ ص ١٧١ ج ٢٤ عن أمالي الشيخ.
(٢) قيس بن عاصم بن سنان المنقري التميمي المتوفى نحو سنة (٢٠) ه
(٣) أسيد بن حضير بن سماك الانصاري المتوفى سنة (٢٠) او بعدها.
(٤) آل عمران : ٩٧.
(٥) الحج : ٢٧.
(٦) البقرة : ٤٣.