التدرّج في تبليغ الأحكام وإعلام المكلّفين بها ، وأين هذا ممّا هو المقصود بالبحث في المقام.
وأمّا وجوب طلب العلم على المسلم فلا يقضي بعدم وجوبه على غيره إلّا باعتبار مفهوم اللقب أو الوصف الّذي لا عبرة به في المقام ، بعد ظهور أنّ فائدة التّعليق كون الطّلب من لوازم الإسلام ، مع أنّ معرفة التوحيد والنبوة من أعظم العلوم قدرا وأسناها رتبة ، ووجوبها على الكفّار بديهيّ جدّا.
وامّا عدم وجوب الغسل على من أسلم فغير واضح ، ولعلّ المعلوم في تلك الأزمنة خلافه ويعضد العامّي المتقدّم بل الإجماع بقسميه على وجوبه على الكافر إذا أسلم ، لأنّه من قبيل الأسباب الثّابتة في غير المكلّفين ايضا كالصّبي والمجنون ، نعم وقع الإشكال في صحّته من المخالف مطلقا أو بشرط تعقّب الإستبصار أو موافقته لمعتقده أو للمذهب الحقّ أيضا وهو مقام آخر ، وعلى فرض التّسليم فهو من الأحكام الوضعيّة المرتفعة بالإسلام ، فانّه يجبّ ما قبله ، ولذا لا يجب عليه بعده شيء من العبادات المفترضة مع قيام الإجماع على استقرارها عليه قبل ذلك ، بل في تلك الاخبار الدّالة على الجبّ دلالة واضحة على المطلوب أيضا فلا تغفل.
وأمّا ما ذكره من حمل المطلق على المقيّد أو المقام على الخاصّ في قوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ) و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فغريب جدّا ، وكانّه أجنبيّ من العلم رأسا كما لا يخفى على المطلع بمورد القاعدة حسبما قرّرت في الأصول.
وبالجملة فقضية القواعد المقرّرة وأدلّة الاشتراك المذكورة في محلّها ، وعموم الخطابات من الآيات والأخبار إنّما هو عموم التكليف مضافا إلى قوله (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) (١) الآية حيث دلّت على الذّم واستحقاق العقاب
__________________
(١) فصّلت : ٦ ـ ٧.