في الصّفات أو في اللوازم والآثار وسواء كان فعلا أو قولا أو اعتقادا ، نعم الغالب استعماله في الصفات والآثار كقوله (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) (١) بناء على أنّ صنع الشّيء في نفسه غير مستلزم لصنع لوازمه وآثاره ولذا قال الحجّة عجّل الله فرجه في دعاء السمات : وخلقت بها الظّلمة وجعلتها ليلا وجعلت اللّيل سكنا وخلقت بها النّور وجعلته نهارا وجعلت النّهار نشورا مبصرا وخلقت بها الكواكب وجعلتها نجوما وبروجا ومصابيح وزينة ورجوما (٢).
وأمّا ما يحكى عن شيخ الإشراق (٣) من أنّه سئل عن مثل تلك المسألة وكان بين يديه مشمش فقال : إنّ الله سبحانه ما جعل المشمش مشمشا وإنّما جعل المشمش فله وجهان : أحدهما أنّ الجعل إنّما تعلّق بالذّرات الّتي من مقتضياتها الذّاتيّة تلك الآثار من غير حاجة إلى تعلّق الجعل بها ، والآخر انّه ليس المراد به الجعل بمعنى التّصيير بل بمعنى الخلق ولذا عدّاه إلى مفعول واحد وهذا وجه ، صحيح وأمّا الأوّل ففاسد على ما تقرّر في محلّه من ابطال القول بالأعيان واللوازم الذّاتيّة الغير المخلوقة.
والفراش اسم لما يفرش كالبساط لما يبسط ، وتقديم الظرف على المفعول لإفادة الحصر ، مضافا إلى الاختصاص ، ومعنى (جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) ما رواه الامام عليهالسلام في تفسيره عن الحسن بن علي عليهمالسلام قال جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم لم يجعلها شديدة الحرّ والحرارة لتحرقكم ، ولا شديدة البرد والبرودة فتجمدكم ، ولا شديدة طيب الرّيح فتصدع هاماتكم ، ولا شديدة النتن فتعطبكم ولا
__________________
(١) يونس : ٥.
(٢) دعاء السمات.
(٣) شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي المقتول بحلب سنة (٥٨٧) وعمره نحو (٣٦) سنة.