وقال جرير (١) :
أتيما تجعلون إليّ ندّا |
|
وما تيم لذي حسب نديد |
من ندّ يندّ ندّا وندودا وندادا بمعنى شرد ونفر ومنه التّناد بمعنى التفرّق والتخالف ، وناددته خالفته كأنّ كلّا من الندّين ينادّ الآخر أي يقابله ويخالفه ، ومن هنا يقال : إنّه بمعنى الضدّ أو أنّه لا يقال إلّا للمثل المخالف المعادي بل هو المراد بما في «المصباح» بعد تفسيره بالمثل ، ولا يكون الندّ إلّا الضدّ.
وعن الهمداني في «كتاب الألفاظ» الأنداد والأضداد والأكفاء والنظراء والأشباه والأقران والأمثال والأشكال نظائر.
والحقّ أنّها متقاربة تفترق إذا اجتمعت ، وتجتمع إذا افترقت وفي «مجمع البحرين» وغيره عن الرّاغب في الفرق بينها : أنّ الندّ يقال فيما يشارك في الجوهريّة فقط ، والشكل يقال فيما يشارك في القدر والمسافة ، والشبه يقال فيما يشارك في الكيفيّة فقط ، والمساوي فيما يشارك في الكميّة فقط ، والمثل عامّ في الألفاظ كلّها.
ثمّ انّه سبحانه وإن لم يكن له ضدّ ولا ندّ لصمدانيّته وفردانيّته ووحدته الحقّة المطلقة ، إلّا أنّ المشركين لمّا اتّخذوا من دونه آلهة سمّوها شركاء له أو شفعاء لهم ليقرّبوهم إليه زلفى ، وإن لم يعتقدوا مساواتها له في الذّات والصفات ، ولا مخالفتها له في الأفعال ، ولم يأمرهم الله سبحانه بعبادتها ولا التقرّب بها ، ولم يأتوا البيوت من أبوابها شابهت حالهم حال من جعلها شركاء له في الذّات والصّفات ووجوب الطّاعة والعبادة وصدور الأفعال والشؤون الالهيّة مع أنّها مخلوقة مربوبة فانية داثرة مفتقرة
__________________
(١) هو جرير بن عطيّة بن حذيفة اليربوعي الشاعر توفي سنة (١١٠) ه