إليه سبحانه في وجودها وبقائها وسائر شؤونها وصفاتها.
بل في الآية وجوه من التشنيع والتهكّم عليهم حيث عبّر بالجعل الدّال على الاختلاق والافتراء كقوله : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) (١).
وآثر من بين أسمائه سبحانه الإسم المقدّم الجامع الدّال على الذّات المستجمع لجميع صفات الجلال والجمال الّتي من جملتها نفي الأضداد والأنداد لغاية الكمال وعبّر عمّا اختلفوه إفكا بصيغة الجمع الدّال على أنّ التّعدد دليل الحدوث والفناء بل عجز كلّ منها عن دفع غيره مع ضرورة الاختلاف والتفرق كما أشار إليه العبد الصّالح يوسف بن يعقوب على نبيّنا وآله وعليهالسلام : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٢) وقال موحّد الجاهلية زيد بن عمر بن نفيل (٣) :
أربّا واحدا أم ألف ربّ |
|
أدين إذا تقسّمت الأمور |
تركت اللّات والعزّى جميعا |
|
كذلك يفعل الرّجل البصير |
ففي قوله (أَنْداداً) استفظاع لشأنهم مرّة من جهة المادّة ، وأخرى من حيث إنّهم جعلوا أندادا كثيرة لمن لا يصحّ أن يكون له ندّ قط ، مع ما في إيثار الجمع من الإشارة أيضا إلى أنّ هؤلاء الشفعاء لو استحقّوا العبادة لاستحقتها غيرها ممّا لا تحصى لاشتراك الجميع في العجز ونفي الاستحقاق.
__________________
(١) الزخرف : ١٩.
(٢) يوسف : ٣٩.
(٣) زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزّى القرشي العدوي أحد الحكماء ونصير المرأة في الجاهلية مات قبل الهجرة سنة (١٧).