لِلَّهِ أَنْداداً) ، وأشباها وأمثالا من الأصنام الّتي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ولا تقدّر على شيء (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّها لا تقدر على شيء من هذه النعم الجليلة الّتي أنعمها عليكم ربّكم (١).
أو أنكم تعلمون أنّ الله هو الحقّ المبين ، وانّه لا ضدّ له ولا ندّ ، وان أصررتم على جحودكم وإنكاركم باللّسان كقوله : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (٢).
وقد ظهر ممّا مرّ انّه لا تنافي بين وصفهم بالعلم في هذه الآية وبالجهل في قوله : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) (٣) لاختلاف المتعلّق فيهما.
وعن بعض المفسّرين أنّ الخطاب لأهل الكتاب كما قال الطبرسي في المجمع عن مجاهد وغيره ، والمراد أنّكم تعلمون ذلك على ما قرأتم في الكتاب كقوله : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٤) وهؤلاء وإن لم يتّخذوا أصناما آلهة من دون الله إلّا أنّهم لمّا اتبعوا أهوائهم في مشاقة الحقّ ومنادّة الرسول وكتمان ما أوتوا من العلم والمعرفة عوتبوا عتاب المشركين ، مع أنّهم منهم في الحقيقة لقوله : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) وقوله «أبغض إله عبد على وجه الأرض الهوى» وأمّا إيمانهم بالله فلا ينفعهم شيئا إذ مع الغضّ عن قولهم : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (٥) و (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٦) وغيره من مقالاتهم الفاسدة ،
__________________
(١) تفسير الامام عليهالسلام ص ١٤٣ وعنه البحار ج ٣ ص ٣٥ ح ١٠.
(٢) النمل : ١٤.
(٣) الزمر : ٦٤.
(٤) البقرة : ٤٢.
(٥) التوبة : ٣٠.
(٦) المائدة : ٧٣.