مثل هذا الرّجل بمثل هذا الكلام ، ليبين أنّه كاذب كما تزعمون ، لأنّ كلّ ما كان من عند غيره سبحانه فسيوجد له نظير في ساير خلق الله ، وان كنتم معاشر قرّاء الكتب من اليهود والنصارى في شكّ ممّا جاءكم به محمّد صلىاللهعليهوآله من شرايعه ومن نصبه أخاه سيّد الوصيّين وصيّا بعد أن أظهركم معجزاته الّتي منها أن كلّمته الذراع المسمومة ، وناطقه ذئب ، وحنّ إليه العود وهو على المنبر ، ودفع الله عنه السّم الّذي دسّته اليهوديّة في طعامهم ، وغلب عليهم البلاء وأهلكهم به ، وكثّر القليل من الطعام (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) يعني من مثل القرآن من التّوراة والإنجيل والزّبور وصحف ابراهيم والكتب المائة والأربعة (١) عشر فإنكم لا تجدون في سائر كتب الله سورة كسورة من هذا القرآن انتهى (٢) على ما يأتي.
وفيه دلالة على تعميم الخطاب بالنّسبة إلى الكفار والمشركين والمنافقين ، وإن كان بعضهم منكرين للنبوّة وآخرون للولاية بناء على أنّ انكار شيء ممّا تضمّنته الآيات ولو من الاحكام الفرعيّة فضلا عن الأصلية على وجه العناد والمشاقّة إنكار للآيات ولنبوّة النّبي صلىاللهعليهوآله بل جحود للرّبوبيّة أيضا ، ولذا ترى الفقهاء يحكمون بارتداد كلّ من أنكر حكما معلوما من الدّين إذا عاد إلى انكار صاحب الدّين.
وفي الآية وجه آخر وهو مبنيّ على اعتبار قوله في الآية المتقدّمة (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) على وجه التّقييد والمعنى انكم إن كنتم عالمين بربوبيّته سبحانه
__________________
(١) في البحار ج ١١ ص ٣٢ ج ٢٤ : المائة والأربعة عشر ولعله تصحيف لان الصدوق قدّس سره روى الحديث باسناده عن النبي صلىاللهعليهوآله وفيه : انزل الله تعالى مائة كتاب وأربعة كتب.
(٢) بحار الأنوار ج ٩ ص ١٧٥ ـ ١٧٦ عن تفسير الإمام عليهالسلام.