له ، وإنّما سمّاهم شهداء لأنّهم القائمون لهم بالشهادة ، أو لأنّهم يشاهدونهم عند المعاونة ، والشهيد بمعنى المشاهد كالجليس والأكيل ، ويمكن أن يكون الدّعاء للاستظهار والاستعانة ، وللأعم من أمرين بناء على عموم المجاز في الشهادة أيضا ، أو على أن يكون صفة لكنّه على ما قيل حكاية لمعتقدهم الباطل لزيادة التّهكم لا ابتداء خطاب منه تعالى ، فانّ الدّعاء غير متعلّق حينئذ بقوله من دون الله أصلا ، مع أنّ الشرط في إطلاق «دون» التقابل أو التداخل ، ومن البيّن أنّ قيام الأصنام بالشّهادة أنّهم يشهدون لهم يوم القيامة والقيام بالشهادة في حقّه تعالى أن يقولوا الله شاهد على ما نقول ، ولا تقابل بينهما حتّى يمنع أحدهما ويثبت الاخر بل الجمع بينهما أظهر بالنّسبة إلى مقاصدهم ولا إخراج إذ لا دخول ، لكنّه قد يمنع الشرط المذكور وكذا معنى القيام بها في حقّه ، وان كان الظرف لغوا متعلّقا بأدعوا فالمعنى أدعوا أوليائكم ولا تدعوا أولياءه ، بناء على ما سمعت من الإظمار ، ويرجّحه أصل التّعلق بالفعل وصراحة إخراجهم من تعلّق الدّعاء بهم ، وهو لإقامة الشهادة فيفيد التهكم ، ولو قيل لا تستظهروا بالله فانّه القادر عليه لفات معنى التهكم إلى الأمر بالامتحان لتبيّن العجز مع أنّه لا يصحّ استثناء الباري حينئذ لعدم دخوله في الشهيد بالمعنى المتقدّم ، أو أنّ المعنى أدعوا شهداء من البشر ، ولا تستشهدوا بالله ولا تقولوا الله يشهد أنّ ما ندّعيه حقّ كما يقوله المبهوت العاجز عن اقامة الحجّة على صحّة دعواه ، وفيه تعجيز وتبكيت لهم وبيان لدحوض حجّتهم وانقطاع كلمتهم ، وأنّه لم يبق لهم متشبّث غير قولهم : الله يشهد إنّا صادقون ، وإن كان الشهيد بمعنى الحاضر فالظّرف إمّا متعلّق بالفعل والمعنى أدعوا من يحضركم من دون الله أي إلّا الله فإنّه