استثناء ، ويكون بمعنى غير كما في قوله :
يا نفس ما لك دون الله من واق |
|
وما للسع بنات الدّهر من راق (١). |
وعلى هذا فالشهيد بمعنى القائم بالشهادة ، فان كان الظرف مستقرا على أن يكون حالا وأريد بالشهداء الأصنام فالمعنى أدعوا من اتّخذتموهم آلهة متجاوزين المعبود الحقّ في دعواكم ألوهيّتها وزعمكم أنّها شهداؤكم وشفعاؤكم يوم القيامة ، كأنّه قيل أدعوهم ليعينوكم في معارضة القرآن المعجز.
وفيه تهكّم بهم من جهة الاستظهار بالجماد ، وتنبيه لهم بأنّها من الله بمكان ، ومبالغة في التهكّم من حيث إنّهم يدّعون أنّهم شهداء عند الله ثمّ يجعلونه شركاءه ، وترشيح له للدّلاله على انّهم معروفون بنصرتهم وشهادتهم ، ولذا أمرهم بالاستظهار بهم.
وان أريد به الشهود على الحقيقة فالمعنى أدعوا أشرافكم ورؤسائكم الّذين هم أمراء الكلام وفرسان المقاولة ليشهدوا أنّكم أتيتم بمثل القرآن متجاوزين اولياء الله الذين لا شهادة عندهم بذلك ، يعني أنّ اشرافكم أيضا لا يشهدون بذلك حيث تأبى عليهم الطباع وتجمح بهم الأنفة أن يرضوا لأنفسهم الشهادة بصحّة الفاسد البيّن عندهم فساده ، فالكلام على إضمار مضاف أي من دون اولياء الله ، فانّ شهداءهم أولياءهم ، وعلى هذا فالدّعاء لإقامة الشهادة بانّ ما أتوا به مثل ، وفيه دلالة على أنّ عجزهم بمكان وأنّ أولياءهم وهم أصحاب المعارضة بالحقيقة معترفون بأنّه لا مثل
__________________
(١) أميّة بن أبي الصلت الشاعر الجاهلي الحكيم لم يوفق للإسلام ومات سنة (٥) ه والمراد ببنات الدهر : الحوادث استعارة ، وكلمة (من) في الموضعين زائدة لتوكيد الاستغراق ، أي لا حافظا لك إلّا الله ، ولا جابر لك إلّا هو.