إِنْسِيًّا) (١) ، ولكان ذكر الأبد في قوله (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) (٢) تكرارا والأصل عدمه.
وفي الكلّ نظر أما فقد الدّليل فلتصريح جملة من اللّغويين وكثير من المفسّرين كشيخنا الطبرسي في مواضع من مجمعه ، والزمخشري ، والرازي ، والبيضاوي ، وغيرهم ممّن يعتبر قولهم في تعيين الأوضاع على ذلك وشهادة الإثبات مقدّمة ، ولعلّ في التبادر شهادة أخرى أيضا ويدلّ عليه أيضا ما في تفسير الامام عليهالسلام حيث صرّح بالتّأبيد في تفسيره على ما يأتي (٣).
وأمّا الآية الأولى فاليوم قرينة على نفي التأبيد ، وان أفاد التأكيد أيضا ، ونظيره في الإثبات زيد قائم وانّ زيدا قائم.
وأمّا الثانية فمن البيّن أنّه ليس تكرارا بلفظه ولا بمرادفه بل دلّ بالمطابقة على ما يفهم بغيرها دفعا لاستبعاد نفي تمنّي الموت على جهة التأبيد.
فان قلت : إنّ حاصل الشرطيّة تعليق الأمر بالاتّقاء وإيجابه على العجز عن الفعل الّذي هو الإتيان بسورة من مثله فيما مضى وفيما يأتي وانّى لهم العلم بذلك حتّى يتنجّز عليهم وجوب الإيمان بل لا يكفي مجرّد العلم لمغايرته لأبديّة نفي الفعل الّذي هو الشرط.
قلت من البيّن أنّ قوله : (لَنْ تَفْعَلُوا) معترضة بين الشرط والجزاء فالجملة الأولى هي الشرط ، وهو كاف في الحجّة عليهم مضافا إلى ما ظهر عنهم من أنّه ليس في قوّة البشر الإتيان بشيء من مثله أبد الدّهر ، فكانت الجملة الثانية تعبير عن
__________________
(١) مريم : ٢٦.
(٢) البقرة : ٩٥.
(٣) تفسير المنسوب للإمام العسكري عليهالسلام ص ١٥٤.