المتحمل لأعباء الرسالة المخاطب بقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) (١) ثمّ أوصياؤه المعصومون الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا فإنّهم الدعاة إلى الله ، والأدلّاء على مرضاة الله والمظهرين لأمر الله ونهيه ، وعباده المكرمين الّذين (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) ، ثمّ خلفاؤهم ونوّابهم الذين هم مستودع علمهم ومشكاة أنوارهم في سائر القرون والأعصار وهم القرى الظّاهرة الذين جعلهم الله تعالى وسائط بين الناس وبين القرى المباركة صلوات الله عليهم أجمعين ثمّ سائر المؤمنين من شيعة مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
وشمول الخطاب للجميع باعتبار الأصالة والتبعيّة لظهور عموم نبوته ، وتوقّف التبليغ إلى الكلّ على تلك الوسائط وغيرها ، فهو المبلّغ في الحقيقة والمبشّر المنذر بجميع الخليفة فإذا قال أحد لغيره : بشّر المشّائين إلى المساجد في ظلم اللّيالي بالنّور الساطع يوم القيامة فكأنّه هو المبشّر لكلّ من بلغه هذا الخطاب كما أنّه هو المبلغ لسائر الأحكام بعد قوله : فليبلغ الشاهد الغائب.
وأمّا ما يقال من أنّ توجيه الخطاب إلى كلّ أحد أحسن وأجزل لأنّه يؤذن بأنّ الأمر لعظمه وفخامة شأنه محقوق بأن يبشّر به كلّ من قدر على البشارة به (٢).
ففيه أنّه يكفي في فخامة الأمر كونه ممّا صدع لتبليغه خاتم النّبيين وسيّد المرسلين من وحي ربّ العالمين.
ولعلّ النكتة في توجيه الخطاب بالإبشار إليه دون الإنذار المتقدّم مع أنّه البشير النّذير أنّ هؤلاء إنّما بشّروا بما بشّروا به لإيمانهم بالنّبي صلىاللهعليهوآله وتصديقهم له
__________________
(١) سبأ : ٢٨.
(٢) قال الزمخشري في الكشّاف ج ١ ص ١٠٤.