الكفّار ، بل لعلّ الاولى ما سمعت أنّه من عطف القصّة على الأخرى ، فلا داعي أيضا إلى التكلّف بتضمين الخبر معنى الإنشاء أو العكس ، أو تقدير «قل» قبل (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أي قل كذا وكذا وبشّر المؤمنين على ما هو المحكي عن صاحب «المفتاح» (١) أو تقدير جملة بعد (أُعِدَّتْ) أي فأنذر الّذين كفروا بتلك النّار ، (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا) وهو المحكي عن «صاحب الإيضاح» (٢) واستحسنه صاحب «الكشف» (٣) قال وهو نظير ما اختاره الزمخشري في قوله : (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) (٤) وفي قراءة زيد بن علي عليهالسلام وبشّر على لفظ المبني للمفعول عطفا على (أُعِدَّتْ) بناء على احتمال كونه استينافا فيكون استينافا إذ لا يستقيم على غيره من الوجوه.
والبشارة الخبر السارّ لما يظهر من أثر السرور على البشرة الّتي هي ظاهر جلد الإنسان ، وأصل المادّة للظّهور ، ومنه البشر في مقابل الجنّ المستتر ، وبشرة الأرض ما ظهر من نباتها ، وتباشير الصّبح ما ظهر من أوائل ضوئه إلّا أنّه غلبت البشارة بالكسر والضمّ على الإخبار الاول بالشيء السار ، ولذا ذكر الفقهاء أنّه لو حلف ليعطينّ من بشّره بكذا فهو لمن يخبره به أوّلا به ، إلّا أن يكون المخبر متعدّدا بأن نطقوا جميعا دفعة واحدة فيشتركون فيه ، بخلاف ما لو قال : من أخبرني فانّ الثاني مخبر كالأوّل.
وأمّا إطلاقه على غير السّار كقوله :
__________________
(١) هو أبو يعقوب السكاكي المتوفى (٦٣٦) ه حكي تقدير (قل) قبل (يا أَيُّهَا النَّاسُ) عن السكاكي في الإيضاح ج ١ ص ٢٦٢.
(٢) هو الخطيب القزويني المتوفى (٧٣٩) ه
(٣) هو ابو زرعة احمد بن الحافظ عبد الرّحيم العراقي المتوفى (٨٢٦) ه والكشف حاشيته على الكشاف.
(٤) سورة مريم : ٤٦.