حَيٍ) (١) وهو مادّة البقاء وطعمه طعم الحياة ، وكما الأعمال الصّالحة الصادرة من المؤمنين كانت مقترنة بصدق النية وحسن الإعتقاد وخلوص السر وصفاء الضمير وكانت صحة تلك الأعمال الظاهرة من الصلاة والصوم والحج وغيرها مشروطة بالنيّة الّتي هي روح العبادة وحياتها وهم قد جمعوا في عبادتهم بين قوالب تلك العبادات الّتي هي كالاجساد وبين أرواحها وهي النية المقترنة بها فكذلك يجمع الله سبحانه في جزائهم بين الجنّات المشتملة على الأشجار والرياحين والفواكه وغيرها وبين الأنهار الّتي هي كالأصل المقوّم لها وبها حياتها.
ثمّ إنّ انهار الجنّة ليست على حدّ غيرها من أنهار الدّنيا ففي «الاختصاص» عن الباقر عليهالسلام.
قال : إنّ أنهار الجنّة تجري في غير أخدود أشدّ بياضا من الثّلج ، وأحلى من العسل ، وألين من الزّبد ، طين النهر مسك أذفر ، وحصباه الدّر والياقوت ، تجري في عيونه وأنهاره حيث يشتهي ويريد في جنانه وليّ الله ، فلو أضاف من في الدّنيا من الجنّ والانس لأوسعهم طعاما وشرابا وحللا وحليّا لا ينقصه من ذلك شيء (٢).
وفي جامع الأخبار سئل النّبي صلىاللهعليهوآله عن أنهار الجنّة كم عرض كل نهر منها فقال عليهالسلام عرض كل نهر مسيرة مائة عام (٣) يدور تحت القصور والحجب تتغنى أمواجه وتسيح وتطرب في الجنّة كما يطرب الناس في الدنيا (٤).
رزقنا الله تعالى من هذا الماء المعين وحشرنا مع نبيّه محمّد وآله الطّيبين الطاهرين.
__________________
(١) الأنبياء : ٣٠.
(٢) بحار الأنوار ج ٨ ص ٢١٩ ح ٢١١ عن الاختصاص.
(٣) في المصدر : خمسمائة عام ـ وفي البحار : خمسين مائة عام.
(٤) جامع الأخبار ص ١٢٦ وعنه البحار ج ٨ ص ١٤٦ ج ٧١.