(كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) (١).
استيناف حيث إنّه لما وقع الإبشار بالجنّات والأنهار ، وكان الغرض المهم منها الأخبار فلربما يقع في خلد السّامع أنّ ثمارها هل تشابه أو تشاكل ثمار جنّات الدّنيا أو لا تجانسها ، فيكون وعدا بغير معلوم ولا معهود فقيل إنّ ثمارها تشابه أو تشاكل ثمار جنّات الدّنيا وتجانسها وان تفاوتت إلى غاية لا يعلمها إلّا خالقها.
أو صفة بعد صفة الجنّات فمحل الجملة على الأوّل الرفع ، وعلى الثاني النصب.
و (كُلَّما) منصوب على الظرفية للفعل الّذي بعده ، وقد سمعت أن ضمّ كل إلى ما الجزاء يجعله من أدوات التكرار.
وأمّا احتمال كونه خبرا عن محذوف بتقدير شأنها كلّما رزقوا فمع ما فيه من التكلف في جعل ظرف الزمان خبرا عن جنة مدفوع ، بعود الكلام حينئذ في تلك الجملة على أحد الوجهين بعد الالتزام بحذف أقوى ركني الكلام.
ولم يبن الفعل للفاعل اتكالا على وضوح أنّ الرّزاق في الحقيقة هو الله سبحانه ، أو لأنّ الجملة إنّما سيقت لإفادة وصول الرزق إليهم من دون قصد إلى تعيين من هو منه ، أو لأنّ الوسائط لا يعرفها بأعدادها ومراتبها فضلا عن أشخاصها أحد إلّا هو أو لأنّهم يرون أثمارها متدلية دانية منهم بحيث إنّهم إذا اشتهوا شيئا وجدوه حاضرا عندهم فأخذوه بأيديهم وأفراحهم من دون طلب منهم ولا انتظار أصلا.
ثمّ أنّهم ذكروا في بيان معنى حرفي الجر وتعيين متعلقهما وجوها :
__________________
(١) البقرة : ٢٥.