منها : أنّهما لابتداء الغاية والظرفان إمّا لغوان متعلّقان برزقوا على وجه إبدال الثاني عن الأول وتعلق الحرفين بمعنى واحد بفعل واحد سائغ على قصد التبعية ، ويمكن اعتبار الاختلاف في المتعلق بالفتح أيضا بأن تكون من الاولى متعلقة بالرزق مطلقا ، والثانية متعلقة به مقيدا بكونه من الجنّات ، فيجعل الفعل المطلق وهو (رُزِقُوا) مبتدأ من الجنات وبعد تقييده بالابتداء منها جعل مبتدأ من الثمرة ، هذا فيجوز كونهما لغوين لا على البدليّة ، وان كان الأوّل أظهر.
وأمّا مستقرّان واقعان موقع الحال ، وصاحب الحال الأولى رزقا وصاحب الحال الثانية ضميره المستكن فيما تعلق به الظرف ، ويكون التقييد بحاله من دون تجوّز أو الأوّل لغو والثاني حال أو الأوّل حال والثاني بدل.
ثمّ أنّ يمكن أن يكون (رِزْقاً) مفعولا ثانيا ل (رُزِقُوا) على أن يكون بمعنى المرزوق ، ويجوز أن يكون بمعنى الحدث فينصب على أنّه مفعول مطلق.
فهذه وجوه عشرة أضعفها الأخير وأوجهها الأوّل ، والحرفان على الوجوه للابتداء ، فلا يجوز أن يراد بالثمرة الواحدة من أفراد نوع نوع لأنّها نفس المرزوق حينئذ فالرزق لم يبتدأ منهما ، بل إنّما هو هي ألا ترى أنك إذا قلت أكلت من هذا الطعام وأشرت إلى شخص تعين من للتبعيض كقولك : أخذت من الدراهم وإذا أشرت إلى جنسه كان صالحا له وللابتداء ومنها أن يكون (مِنْ ثَمَرَةٍ) بيانا من باب التّجريد على حدّ قولك رأيت منك أسدا أي أنت أسد بأن ينتزع من ذي صفة أخر مثله إيهاما لكمالها فيه كأنك جردت من المخاطب شيئا يشبه الأسد وهو نفسه وكذا هنا جرّد من ثمرة رزق وهو هي ، فيكون رزقا أخصّ من ثمرة باعتبار انتزاع وصف المرزوقيّة منها بكمال هذا المعنى فيه ، فعلى الأوّل يكون الرّزق عاما خصّص بالجنّات ثمّ بالثّمرة وعلى الثاني الثمرة عام خصص الرزق بها بانتزاعه منها ، وعلى هذا يصح أن يراد بالثمرة النّوع