تحصل لنفوس الأشقياء عقوبات خياليّة من نيران وحيّات تلسع وعقارب تلدغ إلى غير ذلك من المزخرفات فممّا لا ينبغي الإصغاء إليه ولا يعد قائله من زمرة المسلمين بعد قيام ضرورة الدين على ثبوت المعاد الجسماني والجنّة والنّار الجسمانيّتين.
وأمّا ما ذكره الصدوق في اعتقاداته حيث قال طاب ثراه اعتقادنا في الجنّة والنار أنها دار البقاء ودار السلامة لا موت فيها ولا هرم ولا سقم ولا مرض ولا آفة ولا زمانة ولا غمّ ولا هم ولا حاجة ولا فقر وأنّها دار الغناء والسعادة ودار المقامة والكرامة لا يمسّ أهلها فيها نصب ولا لغوب لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين وهم فيها خالدون وأنّها دار أهلها جيران الله وأولياءه وأحباؤه وأهل كرامته وهم أنواع على مراتب منهم المتنعّمون بتقديس الله وتسبيحه وتكبيره في جملة ملائكته ومنهم المتنعمون بأنواع المآكل والمشارب والفواكه والأرائك وحور العين واستخدام الولدان والجلوس على النّمارق والزرابي ولباس السندس والحرير كلّ منهم إنّما يتلذّذ بما يشتهي ويريد حسبما تعلّقت عليه همته ويعطي ما عبد الله من أجله.
وقال الصادق عليهالسلام : أنّ النّاس يعبدون الله على ثلاثة أصناف صنف منهم يعبدونه رجاء ثوابه فتلك عبادة الأجراء ، وصنف منهم يعبدونه خوفا من عقابه فتلك عبادة الخدّام ، وصنف منهم يعبدونه حبّا له فتلك عبادة الكرام انتهى (١) فلا دلالة فيه على إنكار الجنة المحسوسة ولو للمتنعّمين بالتقديس والتسبيح ، بل ظاهره إثبات الجنّة المحسوسة المشتملة على أنواع النعم للجميع.
ولذا قال بعد ما سمعت حكايته ، واعتقادنا في الجنّة والنار أنهما مخلوقتان
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٨ ص ٢٠٠ عن عقائد الصدوق ص ٨٩ ـ ٩٢.