وانّه لا يخرج أحد من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنّة أو من النار (١).
وبالجملة ثبوت الجنّة أو النار المحسوستين لكل أحد من الضروريات الّتي لا ينبغي إنكاره ، نعم منهم المشاركون للملائكة في التنعم بالتقديس والتسبيح وإن كان لهم الجنّة المحسوسة إلّا أنّه لا التفاف لهم إلى التنعّم بها بل عمدة تنعّمهم وقرّة أعينهم هو السّرور والابتهاج بمناجاته وعبادته والاستشمام من نسائم رياض أنسه ومحبّته.
كما يستفاد ذلك منحديث الإسراء : يا أحمد أن في الجنّة قصرا من لؤلؤة فوق لؤلؤة ودرّة ، ليس فيها قصم ولا فصل ، فيها الخواص ، أنظر إليهم في كلّ يوم سبعين مرة ، وأكلّمهم كلما نظرت إليهم ازداد ملكهم سبعين ضعفا ، وإذا تلذذ أهل الجنة بالطعام والشراب تلذذوا أولئك بذكري وبكلامي وحديثي (٢).
وفي كتاب الاختصاص في خبر طويل عن الصّادق عليهالسلام عن النّبي صلىاللهعليهوآله وفيه بعد ذكر كثير من مطاعم أهل الجنّة ومشاربهم ومناكحهم وتنعّمهم بها أنّه.
قال : فبينا هم كذلك إذ يسمعون صوتا من تحت العرش : يا أهل الجنّة كيف ترون منقلبكم فيقولون : خير المنقلب منقلبنا وخير الثّواب ثوابنا ، قد سمعنا الصوت واشتهينا النظر إلى أنوار جلالك وهو أعظم ثوابنا وقد وعدته و (لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) ، فيأمر الله الحجب فيقوم سبعون ألف حجاب فيركبون على النّوق والبراذين وعليهم الحلّي والحلل فيسيرون في ظلّ الشجر ، حتى ينتهي إلى دار السّلام وهي دار الله دار البهاء والنّور والسرور والكرامة ، فيسمعون الصوت فيقولون : يا سيّدنا سمعنا لذاذة منطقك فأرنا نور وجهك فيتجلّى لهم سبحانه وتعالى حتّى ينظرون إلى نور وجهه
__________________
(١) البحار ج ٨ ص ٢٠٠ عن عقائد الصدوق ص ٨٩ ـ ٩٢.
(٢) بحار الأنوار ج ٧٧ ص ٢٣ ح ٦.