تبارك وتعالى المكنون من عين كلّ ناظر ، فلا يتمالكون حتى يخروا على وجوههم سجّدا فيقولون : سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك يا عظيم.
قال : فيقول : عبادي ارفعوا رؤسكم ليست هذا بدار عمل إنّما هي دار كرامة ومسألة ونعيم ، قد ذهبت عنكم اللغوب والنصب ، فإذا رفعوها وقد أشرقت وجوههم من نور وجهه سبعين ضعفا ، ثمّ يقول تبارك وتعالى : يا ملائكتي أطعموهم واسقوهم فيأتون بأنواع الأطعمة إلى أن قال عليهالسلام : فيقولون يا سيّدنا حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى نور وجهك لا نريد به بدلا ولا نبتغي عنه حولا (١) الخبر.
والمراد حصول غاية المعرفة المعبر عنها بالرؤية كما في العلوي المشهور ، أو مشاهدة أنوار النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين المعبّر عنهم بالمثل الأعلى ووجه الله تبارك وتعالى على ما يستفاد من الآيات والاخبار ، أو نور من أنوار شيعتهم من الكروبيّين والملائكة العالين وغيرهم كما يستفاد من الخبر المتضمن لتجليهم لموسى النّبيّ صلىاللهعليهوآله على نبيّنا وآله وعليهالسلام.
وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام قال الله تبارك وتعالى يا عبادي الصديقين تنعّموا بعبادتي في الدّنيا فإنكم تتنعمون بها في الآخرة (٢).
أي بنفس العبادة لا على وجه الكلفة والمشقّة بل على وجه التنعّم واللذّة إلى غير ذلك من الاخبار الكثيرة ومن هنا يظهر أنّه لا يرد على الصّدوق ما أورده عليه المفيد في شرح الكلام المتقدّم حيث قال وثواب أهل الجنّة الابتذال بالمآكل والمشارب والمناظر والمناكح وما تدركه حواسهم ممّا يطبعون على الميل إليه ويدركون مرادهم بالظّفر به وليس في الجنّة من البشر من يلتذّ بالتّسبيح والتقديس
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٨ ص ٢١٥ ح ٢٠٥ عن الاختصاص.
(٢) الكافي ج ٢ ص ٨٣ وعنه البحار ج ٧٠ ص ٢٥٣ ح ٩.