بكشف سبحات الجلال من غير إشارة ، وبمحو الموهوم وصحو المعلوم (١) ، وهو تجلّيه سبحانه بها لها.
بل قيل : إنّ المستفاد من تضاعيف أخبار الباب هو أنّ كلّ اسم وصفة إلهيّة ، وكلّ حادثة ربانيّة مبدوئة بهذه الأحرف ، أو مناسبة لها بأتمّ المناسبة فهي دالّة عليها واسم لها ، وإن كان من غير أسماء الله تعالى ، أو منها ومن غيرها كما ورد في تفسير (كهيعص) و (حم عسق) ، وغيرهما.
وقد أشرنا فيما أسلفنا ، في تفسير الفاتحة أنّ لكلّ اسم وجها وقلبا وربّما يعبّر بكلّ منهما ، فوجه الكلمة حرفها الأوّل ، وقلبها حرفها الأوسط ، والحروف الّتي هي وجوه الكلمات وقلوبها دلالات وإشارات الى الحقائق الكليّة ، والمعارف الإلهيّة ، ومصالح العباد ، وجزئيّات المبدء والمعاد ، يعرفها من يعرفها ، ويستنكرها من يجهلها ولذا قال مولانا الباقر عليهالسلام في جواب أهل فلسطين حيث سأله وفدهم عن تفسير (الصَّمَدُ) فأجاب عليهالسلام بتفسير حروفه الخمسة الّتي هي وجوه الكلمات إلى أن قال : لو وجدت لعلمي الّذي آتاني الله عزوجل حملة لنشرت التوحيد والإسلام والإيمان ، والدين والشرائع من الصمد ، وكيف لي بذلك ، ولم يجد جدّي أمير المؤمنين عليهالسلام حملة لعلمه حتّى كان يتنفّس الصعداء ويقول على المنبر : سلوني قبل أن تفقدوني (٢).
قال بعض المحققين : إنّ قوله هذا ليس خاصّا بالصمد ، بل كلّ كلمات الله عزوجل على هذا النحو ،
__________________
(١) سفينة البحار ج ٢ ص ٦٠٣ وفيه : قال المجلسي : هذه الاصطلاحات لم تكد توجد في الأخبار المعتبرة.
(٢) بحار الأنوار ج ٣ ص ٢٢٥ عن التوحيد.