ففيه مع الغضّ عن النقض بالصّفات الفعليّة أنّه مبني على قياس إرادته بارادتنا في كونها من الكيفيّات النفسانية القائمة بنا وقد مرّ في الخبر أن الإرادة فينا هو الضّمير وفيه إحداثه لا غير (١).
وإرجاعها إلى العلم أو غيره تصرّف في معاني صفاته بما لم يرد الإذن به عنهم عليهمالسلام بل في خبر احتجاج الرّضا عليهالسلام (٢) على سليمان المروزي بطوله ما يدلّ على الإنكار الصّريح على كونها صفة قديمة ، وأنّها مغايرة للعلم والقدرة وانّها ليست مثلهما ولا مثل السمع والبصر في اتصاف الذات بها ، وانّها ليست نفس الأشياء كما توهّمه ضرار وأصحابه من أن كلّ ما خلق الله تعالى في سماء أو أرض أو برّ أو بحر او غير ذلك كلّها ارادة بل الارادة صفة محدثة وهي فعله سبحانه لا غير بل في الخبر إلزامات شنيعة وحجج قويّة أوردها عليهالسلام على سليمان لم نذكره لطوله فارجع إليه إن شئت وهو مذكور في العيون والاحتجاج (٣) والبحار وغيرها
وفي آخر الخبر فلم يزل سليمان يردّد المسألة ينقطع فيها ويستأنف وينكر ما كان أقرّ به ويقرّ بما أنكر ، وينتقل من شيء إلى شيء والرضا عليهالسلام ينقض عليه ذلك حتّى طال الكلام بينهما وظهر لكلّ أحد انقطاعه مرّات كثيرة فآل الأمر إلى أن قال سليمان إنّ الإرادة هي القدرة قال عليهالسلام : وهو عزوجل يقدر على أن لا يريد أبدا ، لا بدّ من ذلك لأنّه قال : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) (٤) فلو كانت الإرادة هي القدرة لكان قد أراد أن يذهب به لقدرته فقطع سليمان.
__________________
(١) البحار ج ٤ ص ١٤٤.
(٢) التوحيد ص ٤٥٧ ـ ٤٧٠ عيون الاخبار ص ١٠٠ ـ ١٠٦ وعنهما البحار ج ١٠ ص ٣٢٩ ـ ٣٣٨ ح ٢.
(٣) الاحتجاج ص ٢١٨ ـ ٢٢٠.
(٤) الإسراء : ٨٦.