فقوله تعالى : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) (١) ، ولا يجري مجراه من الآيات معناها أنّ الكفر وغيره من القبائح غير مرضي بها له تعالى في أنفسها وبما هي شرور ، ولا تنافي في ذلك كونها مرضيّا بها بالتعبيّة والاستجرار ، أو نقول : من سبيل آخر : إنّ وزان الإرادة بالقياس إلى العلم وزان السمع والبصر بالقياس إليه ، وكوزان الكلام بالنسبة إلى القدرة فالعلم المتعلّق بالخيرات إرادة كما أنّ المتعلق منه بالمسموعات سمع ، وبالمبصرات بصر ، وكما أنّ القدرة المتعلّقة بالأصوات والحروف على وجه تكلّم ، وهذا لا ينافي كون الإرادة عين العالم فذاته تعالى علمه بكلّ شيء ممكن ، وارادة لكلّ خير ممكن كما انّه سمع لكلّ مسموع وبصر بالنسبة إلى كل مبصر.
أقول لا يخفى عليك ما فيه من الضعف والقصور أمّا أوّلا فلانّ إبداء هذه الوجوه السّخيفة في مقابلة النصوص المتقدّمة مجاهرة بالردّ على الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، بل كأنّه استخفاف وملعبة بشريعة سيّد المرسلين بعد ما نطق به الكتاب والسّنة من حدوث الإرادة ومغايرتها للذات وللصفات الذّاتيّة الّتي منها العلم ولذا قال في شرحه «للكافي» في ذيل خبر عاصم بن حميد هذا الحديث يدل بظاهره على أن أرادته تعالى حادثة كما رآه قوم الى أن قال : والتحقيق أنّ الإرادة تطلق بالاشتراك الصّناعي على معنيين :
أحدهما : ما يفهمه الجمهور وهو الّذي ضدّه الكراهة ولا يجوز على الله بل ارادته نفس صدور الأفعال الحسنة منه من جهة علمه بوجه الخير ، وكراهته عدم صدور الفعل والقبيح عنه لعلمه بقبحه.
وثانيهما : كون ذاته بحيث تصدر عنه الأشياء لأجل علمه بنظام الخير فيها
__________________
(١) الزمر : ٧.