التّابع لعلمه بذاته (١).
وفيه : أنّ اتصافه بالإرادة بالمعنى الاول قد سمعناه وفهمناه وقرّره لنا أئمّتنا الهداة المعصومون صلوات الله عليهم أجمعين وأمّا بالمعنى الثّاني الرّاجع إلى العلم الّذي هو عين ذاته فلم نجد في شيء من الكتاب والسنّة إطلاقه عليه ولا ارادته منها بل أنكروه على قائله اشدّ الإنكار وقابلوه بنفي التوحيد عنه ، فأين الاشتراك ، ومن الواضع ، ومتى كان هذا الوضع؟ وكيف لم يسوّغ معه الإطلاق؟ نعم هذا القول هو المعروف بين الفلاسفة الذين لم يعرفوا الله بتعريف ولاة أمره (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
وأمّا ثانيا فلانّ ما ذكره من أنّه تعالى أراد بإرادته القديمة آه.
فيه أنّ الارادة إذا كانت قديمة فكيف تتعلّق بإيجاد الشيء بعد العدم إلا على جهة الإخطار بالبال.
والعلم الرّاجع إليه ، وإلّا فالارادة بما هي إرادة لا يمكن تحققها إلّا والمراد معها ، نعم لو كان هناك عجز حاضر ولو لشرط فاقد لم تكن الإرادة حينئذ على حقيقتها ، وبالجملة علمه بالنظام الأصلح الّذي هو نفس الارادة القديمة عنده وعند الفلاسفة إن كان سببا تامّا لوجود العالم لزم قدمه وامتنع عدمه.
وتوهّم أنّه سبب لوجوده ووجود أجزائه وجزئيّات أجزائه في أماكنها وأوقاتها المخصوصة مدفوع بأنّه لم يكن في القدم تعيّن وتخصّص لشيء من الأزمنة والأمكنة والمفروض أنّ السبب التّام لم يزل متحققا بوجود الذّات لا على وجه الترتب كي يثبت به الحدوث الذّاتي بل على وجه العينيّة والاتحاد ، فيلزم منه القول بقدم العالم الّذي برىء منه المنتحلون من الأمم ، مع أنّه حينئذ يكون فاعليته
__________________
(١) شرح اصول الكافي ص ٢٧٨ ط طهران مكتبة المحمودي.