المتشابه الّذي لا يعلم تفسيره (إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١).
بل بعد دلالة ظاهر الآية بل صريحها عليه ، فكان الوجوه المذكورة في الرّد ردا على الله سبحانه وتعالى في صريح كلامه.
مضافا الى ما فيها من الضعف والقصور ، فإنّ التدبّر وغيره حاصل بالنسبة إلى غير المتشابه مطلقا ، وإلى المتشابه بعد ردّه إلى المحكم ، ووصول البيان من أهل الذكر ، والمخاطبة الكلّيّة إنّما كانت الى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولذا ورد : إنّما يعرف القرآن من خوطب به (٢) إشعارا على أنّه لا علم به بتمامه لغيره من علّمه إيّاه.
مع أنّه قد يقال : إنّ من جملة المحكم في إنزال المتشابهات أنّ المبطل لمّا علم اشتمال القرآن عليها يتأمله ويصغى إليه ، ويجتهد في التفكر فيه رجاء أنّه ربما وجد بيانه في بقيّة كلامه ، أو يجد فيها شيئا يقوّي قوله ، وينصر مذهبه في إبطاله ، فيصير ذلك سببا لوقوفه على المحكمات المخلصة له من الضلالات.
وامّا ما ربما يتراءى من كلام المفسّرين في المقام من التنافر بين تلك المعاني بحيث يمنع من الجمع بينها ، ولذا حكوا الاختلاف فيها ونسبوا كلا من الأقوال إلى قائل.
بل قال الرازي : إنّ المفسّرين ذكروا وجوها مختلفة ، وليست دلالة هذه الألفاظ على بعض ما ذكروه أولى من دلالتها على الباقي ، فإمّا أن يحمل على الكلّ وهو متعذّر بالإجماع لأنّ كلّ واحد من المفسّرين إنّما حمل هذه الألفاظ على معنى واحد من هذه المعاني المذكورة ، وليس فيهم من حملها على الكلّ (٣).
__________________
(١) راجع سورة آل عمران : ٧.
(٢) بحار الأنوار ج ٧ ص ١٣٩ ط ، القديم باب تأويل (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ)
(٣) تفسير الفخر الرازي ج ٢ ص ٨.