قال : وفسّرها الآخرون على وجوه ، ثمّ ساق الكلام في عدّها (١).
ولعلّه أراد بكونها من المتشابهات عدم استفادة شيء منها أصلا حتّى الإفحام والإعجاز والتسكيت وغيرها ممّا عدّها في أقوال الآخرين ، ولذا قابله بها فيه وفي كثير من كتب التفاسير ، وهو وإن لم يكن به بأس في نفسه ، وإن لم أعرف قائله بالخصوص ، إلّا أنّه لا ينبغي حمل ما روي عن أئمتنا عليهمالسلام ، لورود بعض البيانات عنهم فيها.
فالأولى هو القول بكونها باعتبار تمام ما هو المراد من معانيها وإشارتها وكيفيّات تأليفها والاستخراج منها من المتشابهات والأسرار ، وإن فزنا ببركة أهل البيت عليهمالسلام برشحة من السحاب الماطر ، وقطرة من البحر الزاخر.
وأمّا في تفسير الرازي نقلا عن المتكلّمين من أنّهم أنكروا القول بالمتشابه فيها ، بل في القرآن مطلقا ، نظرا إلى الآيات الآمرة بالتدبّر والتذكر ، أو الدالّة على كون القرآن هدى ، وذكرا ، ونورا ، وتبيانا ، وبيّنا ، وبلاغا ، وعربيّا ، وغير ذلك مما يستفاد منه وضوح معانيه لعامّة العارفين باللّغة.
مضافا إلى أنّه لو ورد شيء لا سبيل الى العلم به لكانت المخاطبة تجري مجرى مخاطبة العربي باللّغة الزنجيّة.
وإنّ المقصود من الكلام الإفهام ، فلو لم يكن مفهوما لكانت المخاطبة عبثا لا يليق بالحكيم.
وأنّ التحدّي وقع بالقرآن ، وما لا يكون معلوما لا يجوز وقوع التعدّي به (٢) فضعفه واضح جدّا بعد ما سمعت في المقدّمات من اشتمال القرآن على
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٣٢.
(٢) مفاتيح الغيب للفخر الرازي ج ٢ ص ٤.