من التسامح ، ومثله كثير في كلامهم كتسميتهم الباء من حروف الجارّة ، فإنّ مدخول اللام اسم قطعا ، نعم مصاديقه من الحروف كالباء في مررت بزيد ، وكذا اللام ، والواو ، وغيرهما من الحروف المفردة الّتي يعبّر عنها بأسمائها.
وأمّا ما ورد في الأخبار الكثيرة في فضل القراءة من أنّ للقارئ بكل حرف خمسين حسنة ، أو عشر حسنات ، أو غير ذلك ، بل في بعضها : لا أقول بكلّ آية ، بل بكل حرف ، باء ، أو تاء ، أو شبههما.
وفي خبر آخر أما إنّي لا أقول : (الم) عشر ، ولكن ألف عشر ، ولام عشر ، وميم عشر فالمراد بالحرف فيها غير المعنى المصطلح عند النحاة ، لأنّه عندهم من المنقولات العرفيّة الخاصّة ، وفي العرف العام يطلق على ما يعمّ الإسم وغيره ، فالمراد به في الخبر هو ما يتركّب منه الكلم سواء لوحظت مفردة أو في ضمن المركّب.
ثمّ إنّهم راعوا في التسمية الدلالة على المسمّيات بصدور الأسماء إعمالا للمناسبة وترجيحا للخصوصية ، وليكون هو أوّل ما يقرع السمع من الإسم ، وهذه المناسبة ملحوظة في الجميع إلّا الألف الساكنة الّتي هي المدّة كوسط حروف (قال) فإنّه لا يمكن الافتتاح بها ، لضرورة استحالة الابتداء بالساكن مطلقا ، أو في لغة العرب ، ولذا اختاروا لها اللام لما مرّ.
وإنّما قيّدنا هنا بالساكنة الّتي هي المدة احترازا عن المتحركة الّتي راعوا فيها المناسبة وأمّا الهمزة فليست من الأسماء الأصيلة للحروف ، بل هي اسم محدث كما حكى عليه النّص عن ابن جني وغيره ، ولذا قال الفيروزآبادي في ((القاموس)) : الألف ككتف الرجل العزب ، وأول الحروف ، وبوّب في آخر الكتاب للألف الليّنة بابا ، وذكر فيه أنّ أصول الألفات ثلاثة ، ويتبعها الباقيات : أصليّة كألف (أخذ) ، وقطعيّة كأحمد وأحسن ، ووصليّة كاستخرج واستوفى.