ثم إنّه لا ينبغي التأمّل في كونها أسماء على الحالتين حسبما مرّ الكلام فيه.
وربما يتوهم كونها حروفا مقصورة وأسماء ممدودة حملا على (لا) فإنّ ممدودتها اسم لمقصورتها فتعرب الممدودة بمقتضى الكلام وتدخلها التنوين والإضافة وغيرهما ، كقول حسّان (١) في مدح النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
ما قال لا قطّ إلّا في تشهّده |
|
لولا التشهّد لم يسمع له أذلاء |
وفي قول فرزدق (٢) في مدح مولانا السّجاد عليه صلوات الله :
ما قال لا قطّ إلّا في تشهّده |
|
لولا التشهّد كانت لاؤه نعم |
وكقول الآخر :
كأنّك في الكتاب وجدت أذلاء |
|
محرّمة عليك فلا تحلّ |
وفيه المنع من كون (لا) حرفا في البيتين بعد كونه مسندا ولو على وجه الحكاية.
وأمّا تلك الحروف والظاهر اطباقهم على اسميّتها لما سمعت.
بل عليه يتفرّع الإختلاف في اعرابها وبنائها.
مضافا إلى أنّهم قد صرحوا بأنّ الأسماء لمسمّياتها إنّما هي المقصودة من تلك الكلمات ، وأنّها موضوعة على القصر ، وأنّها في الأصل أسماء ثنائية إلّا أنّهم إذا أرادوا أن يعربوها بادراجها في الكلام زادوا عليها ألفا وقلبوها همزة حذرا لالتقاء الساكنين.
وإنّما حملهم على تلك الزيادة الحذر من بقاء الإسم على حرف واحد بعد
__________________
(١) حسّان بن ثابت بن المنذر الانصاري الخزرجي الشاعر عاش (١٣٠) سنة وتوفي سنة (٥٤) ه.
(٢) هو همّام بن غالب الشاعر المعروف بفرزدق توفي سنة (١١٠) ه.