ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أثبت الخيار في تلقّي الركبان (١) ، وإنّما أثبته للغبن.
وكذلك أيضاً يثبت الخيار بالعيب ، وذلك لحصول الغبن ، فكذا هنا.
وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يثبت للمغبون خيار بحال ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يُثبت لحبّان بن منقذ الخيارَ بالغبن ، ولكن أرشده إلى شرط الخيار ليتدارك عند الحاجة. ولأنّ نقص قيمة السلعة مع سلامتها لا يمنع لزوم العقد ، كالغبن اليسير (٢).
والجواب : أنّ إرشاده عليهالسلام إلى اشتراط الخيار لا ينافي ثبوت طريقٍ آخر له ؛ لأنّ إثبات الخيار أنفع ، لأنّ له الفسخ مع الغبن القليل والكثير والعيب وعدمه ، بخلاف الغبن ، فلمّا كان أعمّ نفعاً أرشده عليهالسلام إليه ، والغبن اليسير لا يعدّه الناس عيباً فلا عبرة به.
مسألة ٢٥٣ : وإنّما يثبت الغبن بشرطين :
الأوّل : عدم العلم بالقيمة وقت العقد سواء أمكنه أن يعرف القيمة بالتوقيف أولا ، فلو عرف المغبون القيمة ثمّ زاد أو نقص مع علمه ، فلا غبن ولا خيار له إجماعاً ؛ لأنّه أدخل الضرر على نفسه.
الثاني : الزيادة أو النقيصة الفاحشة التي لا يتغابن الناس بمثلها وقت العقد ، فلو باعه بعشرين وهو يساوي تسعة عشر أو أحد وعشرين ، فلا خيار ؛ لجريان مثل هذا التغابن دائماً بين الناس ، وعدم ضبط الأثمان الموازية للمثمنات ؛ لعسره جدّاً ، فلم يعتد بالخارج عنه قلّةً أو كثرةً مع
__________________
(١) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٧ ، ١٧ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٩ ، ٣٤٣٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٢٤ ، ١٢٢١ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٨ ، مسند أحمد ٣ : ٢٦٩ ، ٩٩٥١.
(٢) المغني ٤ : ٩٢ ٩٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٨٨ ، الوجيز ١ : ١٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٣٦ ٢٣٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٣٢.