نبيّ الله ورحمة الله وبركاته ، الذي لا إله إلّا هو الذي هداني إلى الإسلام ، أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى ، فو ربّ السماء والأرض إنّ عيسى ما زاد على ما ذكرت ، وإنّه كما قلت ، وقد عرفنا ما بعثته إلينا ، وقدم ابن عمّك وأصحابه ، وأشهد أنّك رسول الله ، وقد بايعتك وبايعت ابن عمّك ، وأسلمت على يديه لله ربّ العالمين ، وقد بعثت إليك بابني ، وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله ، فإنّي أشهد أنّ ما تقول حقّ ، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته».
ولمّا استقرّ المسلمون بالحبشة ، وآمنوا من كيد قريش والمشركين ، وشملتهم رعاية النجاشيّ وإحسانه ، أرسلت قريش كلّا من عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي أميّة إلى النجاشيّ ، وحمّلاهما هدايا إليه وإلى أعيان دولته ، فلمّا دخلا على النجاشي وقدّما الهدايا قالا : إنّ جماعة من سفهاء قومنا فارقوا دين آبائهم وقومهم ، وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم ، وطلبوا من النجاشيّ تسليمهم إليهما ، فلما سمع النجاشيّ مقالتهم غضب وقال : لا والله لا أسلّم قوما جاوروني ونزلوا بلادي ، واختاروني على من سواي ، انطلقا والله لا أسلّمهم إليكما أبدا.
عن طريقه تزوّج النبيّ صلىاللهعليهوآله من أمّ حبيبة بنت أبي سفيان عند ما كانت في الحبشة ، وذلك سنة ٦ ه ، وقيل : سنة ٧ ه.
توفّي في الحبشة في شهر رجب سنة ٩ ه ، فأخبر جبريل عليهالسلام النبيّ صلىاللهعليهوآله بوفاته ، فبكى النبيّ صلىاللهعليهوآله بكاء شديدا ، وحزن عليه ، وقال لأصحابه : «قد مات اليوم عبد صالح يقال له : أصحمة ، فقوموا وصلّوا عليه» أو قال صلىاللهعليهوآله : «قوموا فصلّوا على أخيكم النجاشيّ».
القرآن العزيز والنجاشيّ
نزلت فيه الآية ٦٨ من سورة آل عمران : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ....)
لمّا أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله أصحابه بالصلاة على النجاشيّ قال بعضهم : تأمرنا أن نصلّي على علج من الحبشة ، فنزلت الآية ١٩٩ من نفس السورة : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ