ربما يكون أعلم من المجتهد الآخر الانفتاحي القائل بالطريق إلى التكليف ، وثبوته في الواقعة ، فإنّ فتوى المجتهد الثاني لا ينفع حينئذٍ ، إذ كلّ طريق شرعي ابتلي بمعارض من جنسه أو من رتبته كمعارضة الخبر الثقة مع الإجماع المنقول بناءً على حجّيته ، فإنّه حسب السيرة العقلائية يؤخذ بمن يكون قوله أكثر وأقوى خِبرةً ، كما في تقويم الشيء ، ولمّا كان الاجتهاد من الرجوع إلى أهل الخبرة لكون المجتهد من أهل الحدس ، فلو كان أحد المجتهدين أقوى خبرة ، فإنّه يقدّم قوله ، وبهذا الاعتبار يقال في تشخيص الأعلم يرجع إلى أهل الخبرة ، وعند الاختلاف يقدّم من كان أقوى خبرة ، حتّى مع قلّتهم ، وهذه السيرة من السير الممضاة ولم يردعها الشارع المقدّس. وإذا كان علمهما في رتبة واحدة ، فإمّا أن يعلم باختلاف فتاويهما أو لا يعلم ، فإن كان الثاني ، فإنّه يجوز الرجوع إلى أحدهما ، فإنّ أدلّة التقليد تجوّز له الرجوع إليه ، كما تشمله إطلاق الروايات ، وإذا كان الأوّل ، فقيل يلزم التعارض بين قوليهما فيتساقطان ، فيأخذ بالاحتياط بين القولين.
هذا ولكن لا يتمّ هذا الجواب فإنّ فيه اعتراف بأنّ التقليد على الانسدادي لا يضرّ ، إذا كان المجتهد الانسدادي أعلم وأكثر خبرة بالنسبة إلى المعاصرين حتّى ولو كان انفتاحياً ، فإنّه يجوز له الرجوع إلى الأعلم الانسدادي ، فكيف بالعامي لا يرجع إليه ، بل كيف يرجع العامي إلى الانفتاحي؟ والانسدادي الأعلم يرى عدم صحّة طريقه ، وإن كان ما وصل إليه حجّة ، حجّة لنفسه.
وإذا قيل في الانسدادي إنّما قوله بناء على الكشف حجّة على العامي لو تمّت المقدّمات له ، والحال لم تكن تامّة للعامي ، فجوابه إذا كانت تامّة