الأصليّة الآمرة الناهية كحرمة المحرّمات المطلقة وكوجوب التراضي في العقود .. إلى غير ذلك من الأحكام والمبادئ الشرعيّة الثابتة التي جاءت الشريعة لتأسيسها ومقاومة خلافها ، فهذه لا تتبدّل بتبدّل الأزمان ، بل هي الأُصول التي جاءت بها الشريعة لإصلاح الأزمان والأجيال ، ولكن وسائل تحقيقها وأساليب تطبيقها قد تتبدّل باختلاف الأزمنة المحدثة» (١).
فلا بدّ عند القول بتأثير العنصرين في الاجتهاد أن يحافظ على الأصلين المتقدّمين فنحترز عن تشريع الحكم وجعله فإنّه مختصّ بالله سبحانه ، كما نقدّس ونؤيّد الأحكام الأوّليّة ، ومن ثمّ يقال للزمان والمكان تأثير في استنباط الأحكام الشرعيّة والأحكام الحكومية ، كما تعرّض إلى تفصيل ذلك بعض الأعلام.
فالأوضاع والأحوال الزمنية لها تأثير خاصّ وكبير في استنباط الحكم الشرعي ، وهذا التأثير تارة باعتبار الموضوع وأُخرى باعتبار الحكم.
توضيح ذلك : لمّا كانت القضيّة مركّبة من موضوع ومحمول فتأثير العنصرين تارة يرجع إلى ناحية الموضوع وأُخرى إلى الحكم باعتبار الملاك أو كيفيّة تنفيذ الحكم.
والأوّل : قد يراد من تبدّله انقلابه إلى موضوع آخر كصيرورة الخمر خلّا ، هذا خارج عمّا نحن فيه ، وقد يصدق الموضوع على مورد في زمان ومكان ونفس الموضوع لا يصدق على ذلك المورد في زمان ومكان آخر لمدخليّة الظروف الخاصّة
__________________
(١) موسوعة طبقات الفقهاء ١ : ٣٢١ ، المقدّمة ، عن المدخل الفقهي العام ٢ : ٩٢٤.