فيها. كالاستطاعة في الحجّ والفقر والغنى وبذل النفقة للزوجة وما شابه ذلك كصدق المثلي والقيمي ، فربما في زمان يكون الشيء من القيميّات ، ثمّ يكون من المثليّات ، كالأواني وكصدق المكيل والموزون فربما في بلد يكون البيض بالوزن وفي آخر بالعدّ فهذا كلّه من تبدّل الموضوع باعتبار الزمان والمكان.
والثاني : كما نعتقد أنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للملاكات والمصالح والمفاسد الملزمة في علم الله يشترك فيها العالم والجاهل ، وربما يكون مناط الحكم مجهولاً وربما يكون معلوماً بتصريح من الشارع المقدّس ، وفي الثاني يدور الحكم مدار مناطه وملاكه ، فإذا تبدّل الملاك يتبدّل الحكم كبيع الدم ، ففي زمان لم يكن للدم قيمة وثمن ، فكان ممّا يحرم بيعه ، وفي زمان آخر أو مكان آخر يثمّن ذلك فيجوز بيعه ، وكقطع الأعضاء فكان من المثلة ، واليوم في خدمة الطبّ لزرع الأعضاء ، فوقف الفقهاء على ملاك الحكم عبر تقدّم الزمان وتطوّر العلم.
والثالث : كتأثير الزمان والمكان في تنفيذ الحكم وكيفيّته كتقسيم الغنائم الحربيّة بين المقاتلين ، فكان من السهل ذلك في صدر الإسلام ، لقلّة أدوات الحرب بخلاف عصرنا هذا والتطوّر الهائل في الأسلحة وفي الحافلات والمدرّعات والصواريخ والقنابل والطائرات المقاتلة ، فالفقيه لا بدّ أن يتّخذ موقفاً جديداً في تنفيذ الحكم من تقسيم الغنائم فتغيّر الأوضاع والأحوال الزمنيّة تعطي للمجتهد نظرة جديدة نحو القضايا المعاصرة باعتبار القديم والحديث ، فالبيع في القديم يختلف في الجديد ، فكان منحصراً بنقل الأعيان واليوم يجوّزون بيع الحقوق والامتيازات العامّة أو الخاصّة كامتياز شركة أو مجلّة وما شابه ذلك.