ثمّ الوجوب مصدر وهو من المعاني الإضافيّة التي يتوقّف تعقّلها وتصوّرها على معانٍ اخرى ، فالوجوب بين من أوجب ، وما وجب ، وما تعلّق به الوجوب وهو الواجب ، وباعتبار كلّ واحد من الأركان ينقسم إلى تقسيمات أوّلية وثانويّة وهكذا. فباعتبار من أوجب ينقسم إلى الوجوب العقلي والفطري والشرعي.
أمّا الشرعي فيعني ما أمر به الشارع المقدّس وهو الله سبحانه وتعالى ثمّ نبيّه (صلىاللهعليهوآله) وخلفاءه الأطهار (عليهمالسلام) فيبتني على التكليف الإلهي.
وأمّا الفطري فيبتني على فطرة الإنسان وجبلّته (١) وغريزته ، بل على مطلق الغريزة الحيوانيّة ، وملاك الوجوب الفطري هو دفع الضرر المحتمل ، فكيف بالمظنون ، أو يقال المراد من المحتمل هو المظنون أي المحتمل العقلائي.
والوجوب العقلي هو الذي يستقلّ به العقل الإنساني ، والذي يبتني على الحسن والقبح العقليّين بملاكات منها فيما نحن فيه وجوب شكر المنعم ، وهذا أضيق دائرة من الوجوب الفطري ، فإنّه يختصّ بالعقلاء بخلاف الفطري فإنّ قاعدة (دفع الضرر المحتمل) تعمّ سائر الحيوانات ، فإنّها بمجرّد احتمال الخطر تفرّ أو تحمي نفسها من الخطر بأيّ نحوٍ كان ، فالفطري على ما يفهمه العرف في محاوراته هو الجبلّي الارتكازيّ الغريزي ، ضرورة أنّ الاتّقاء والحفظ من الضرر ارتكازي لكلّ ذي شعور ودرك جزئي من سائر الحيوانات فضلاً عن الإنسان ، كما أنّ الملكيّة
__________________
(١) الجبلة مأخوذة من الجبل بمعنى ما له جذور كالوتد في الأرض كما يطلق على الجبال ، والفطريات من الرواسخ كالإبرة المغروزة في بواطن ، الإنسان كالجوع والعطش والغريزة الجنسيّة ، فهذه غرائز وفطريات ، ومنها دفع الضرر المحتمل.