الشخصيّة من الفطريات كرجوع الطير إلى وكره.
ولا مجال حينئذٍ لإشكال المحقّق الأصفهاني (قدسسره) (١) : «بأنّ الفطري المصطلح عليه في فنّه (٢) هي القضيّة التي قياسها معها لكون الأربعة زوجاً لانقسامها إلى متساويين ، وما هو الفطري بهذا المعنى هو كون العلم نوراً وكمالاً للعاقلة في قبال الجهل ، لا لزوم التقليد عند الشارع والعقلاء ، ولا نفس رفع الجهل بعلم العالم ، والفطري بمعنى الجبلة والطبع هو شوق النفس إلى كمال ذاتها ، أو كمال قواها لا لزوم التقليد» (٣).
فجعل الفطري بمعنى القضيّة التي قياسها معها ، ولا تحتاج إلى النظر والاستدلال ، وما نحن فيه ليس كذلك ، وجوابه أنّ دفع المضارّ الأُخرويّة أو المضارّ الدنيويّة المهمّة ممّا هو في جبلّة الإنسان وفطرته السليمة ، بل دفع الضرر بهذا المعنى في غريزة كلّ حيوان ، فما أفاده إنّما هو من المصطلح عند أرباب المعقول ، وما يراد إثباته إنّما هو عند المتفاهم العرفي ، وفرق بين المقامين كما هو واضح.
هذا في معنى الوجوب ، ثمّ قيل : الوجوب في عبارة الماتن إنّما هو من
__________________
(١) رسالة الاجتهاد والتقليد : ١١.
(٢) القياس في علم المنطق باعتبار هيئته يتكوّن منه الإشكال الأربعة وباعتبار مادّته الصناعات الخمسة ومنها البرهان ، وهو ما كان مقدّماته الصغرى والكبرى من الأوّليّات ، وهي ستّة ، منها : الفطريات وهي عبارة عن القضايا التي قياساتها معها كاجتماع النقيضين وارتفاعهما مستحيل ، وكالزوجيّة للأربعة.
(٣) الدرّ النضيد في الاجتهاد والاحتياط والتقليد : ٢٠.