الوجوب الفطري.
«فقيل الوجوب التخييري بين الأُمور الثلاثة (الاجتهاد والتقليد والاحتياط) هو من قبيل وجوب الطاعة في قوله تعالى (أَطِيعُوا اللهَ) فإنّه فطري بمناط وجوب دفع الضرر المحتمل ، حيث إنّ في ترك جميع الأبدال والأقسام الثلاثة احتمال الضرر الدنيوي والأُخروي ، وإنّه عقلي بملاك وجوب شكر المنعم وهذا يستلزم أن يكون المكلّف حينئذٍ ملتفتاً غير غافل ، كما أنّه يكون ذلك في احتمال التكليف المنجّز فمع الغفلة عن التكليف أو احتمال التكليف غير الإلزامي أو الإلزامي غير المنجّز لم يجب شيء من ذلك ، لعدم احتمال الضرر في تركها ، ولا هو ممّا ينافي الشكر الواجب» (١).
ثمّ إنّما يقال بالأُمور الثلاثة لما ثبت في علم الكلام وقرّر في محلّه أنّ حكم العقل وقاعدة اللطف (ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعّده عن المعصية لا على نحو الإلجاء) أوجب على الله من باب (كتب على نفسه الرحمة) أن يرشد العباد إلى ما فيه السعادة الدنيويّة والأُخرويّة وتعريفهم للثواب ودفع العقاب والفوز بلقاء الله ورضوانه ، وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب السماويّة لبيان الشرائع السمحاء والمناهج الإلهيّة ، وتبليغ الأحكام والقوانين الربّانية ، ولئلّا يكون على الناس حجّة ، وقد فعل الله ذلك وأرسل الأنبياء والمرسلين مبشّرين ومنذرين ، وختم النبوّة بأفضلهم نبيّنا الأعظم محمّد (صلىاللهعليهوآله) :
__________________
(١) مستمسك العروة الوثقى ١ : ٦.