نعم هناك من يذهب إلى بعض الوجوه في المقام إلّا أنّها قابلة للنقاش.
فقيل : إنّما تدلّ على هذا الوجوب النصوص الواردة لبيان وجوب تعلّم الأحكام ، وجوابه إنّها لا تشمل وجوب الاحتياط ، فإنّه طريق إلى إطاعة التكاليف لا معرفتها ، فالعمل به غير واقع في طريق تعلّم الحكم.
وقيل : يدلّ عليه شرعاً إجماع الفقهاء ، فإنّه من الأدلّة التفصيليّة ، وجوابه إنّما يكون ذلك لو كان تعبّدياً كاشفاً عن قول المعصوم (عليهالسلام) ، والحال في ما نحن فيه من الإجماع المدركي ، وربما يكون المدرك هو حكم العقل كما علم ذلك ، فحكم الفقهاء بهذا الوجوب غير كاشف عن تحقّق إجماع عليه ، فإنّه من قبيل اللازم الأعمّ للشيء.
ثمّ الوجوب الشرعي فيما نحن فيه إمّا أن يكون نفسياً أو غيريّاً أو إرشاديّاً ، ولمّا لم يكن سبيل إلى أحد من هذا الوجوبات الثلاثة ، فإنّه لا وجوب شرعاً في المقام.
بيان ذلك : من أقسام الواجب كما مرّ هو الواجب النفسي ويقابله الغيري والمقدّمي وهو عبارة عمّا فيه المصلحة التامّة ، وتحقّقه لا يتعلّق بشيء آخر ، فمورد التكليف مطلوب بنفسه ووجوبه يكون نفسياً كوجوب الصلاة والصوم.
والاجتهاد وكذلك التقليد ليس مطلوباً في نفسه ، فلم يكونا كالصلاة والصوم ، وعلى فرض تسليم تعلّق الوجوب النفسي بهما ، لكن تعلّقه بالعمل بالاحتياط غير معقول. فإنّ الاحتياط طريق لتحصيل العلم بإتيان الواجب النفسي أو بترك المحرّم النفسي وسلوك الطريق يصدق عليه عنوان المقدّمية فهو غير صالح لأن يكون متعلّقاً للوجوب النفسي ، كما أنّ الاحتياط عمل خارجي