الثالث : ربما المراد من الأصل قاعدة الاشتغال الشرعي بأن يستصحب الاشتغال بالتكليف بعد العمل بقول الميّت دون الحيّ.
وأُورد عليه : إنّما يثبت ذلك لو لم تكن الأمارة مسبوقة بالحجّية ، وإلّا كان مجرى الأصل هو الحجّية.
الرابع : ما قرّره المحقّق الأصفهاني (قدسسره) في رسالته (الاجتهاد والتقليد) قائلاً :
ولا ريب في أنّ مقتضى الأصل عدم حجّية رأى الميّت وفتواه وقصور الدليل العقلي على التقليد عن الاقتضاء لجوازه ، لأنّ العقل إن أذعن بلزوم الاستناد إلى من له الحجّة إلّا أنّه مع الدوران بين الاستناد إلى الحيّ والاستناد إلى الميّت لا يقضي إلّا بالاستناد إلى الحيّ لليقين معه ببراءة الذمّة ، دون الاستناد إلى الميّت فلا محالة يتعيّن تقليد الميّت (١).
الخامس : ما قرّره صاحب المستمسك سيّدنا الحكيم (قدسسره):
بأنّ العقل عند دوران الأمر بين التعيين والتخيير حاكم بالاحتياط بالرجوع إلى معلوم الحجّية وهو قول الحيّ ، فإنّ جواز الرجوع إلى الميّت غير معلوم. ومن ذلك تعرف الفرق بين تقليد الميّت ابتداءً واستمراراً ، وأنّه في الأوّل لا يقين بثبوت
__________________
(١) الاجتهاد والتقليد : ٢٠ ، طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.