وبعبارة اخرى : ما يؤخذ في موضوعات الأحكام يتصوّر على أنحاء ثلاثة :
١ ـ أن يكون لمجرّد الإشارة إلى ما هو الموضوع واقعاً من دون دخل في الحكم لا في مقام الحدوث ولا في مرحلة البقاء ، كقولك اعمل بما في القانون. ولا مجال للاستصحاب حينئذٍ.
٢ ـ ما له دخل في مقام الحدوث ويشكّ في دخالته في مرحلة البقاء كتغيّر الماء بالنسبة إلى الحكم بالنجاسة ، ولا فرق أن يكون ذلك بالوصف كقولنا الماء المتغيّر لونه أو طعمه أو رائحته بالنجاسة نجس ، أو بالشرط كأن يقال : إذا تغيّر الماء فهو نجس ، فالتغيّر من حالات الموضوع لا من مقوّماته فهو من الواسطة في الثبوت لا في العروض ، فعند الشكّ بزوال التغيّر بنفسه أو بعلاج يستصحب النجاسة.
٣ ـ أن يكون له دخل في الحكم حدوثاً وبقاءً ، فيكون مقوّماً للموضوع ، كقولنا قلّد المجتهد العادل ، فالعدالة من مقوّمات الموضوع في وجوب التقليد ، فلا مجال للاستصحاب بانتفاء الموضوع ، فقيل اشتراط الحياة في المجتهد من هذا النحو بالنسبة إلى حجّية الفتوى ، فلا مجال للاستصحاب حينئذٍ.
وقيل : الظاهر أنّه من قبيل الثالث فلا يجري فيه الاستصحاب ، أو أن يقال عند الشكّ في كونه من الثالث ، فلا مجال للاستصحاب لارتفاع الموضوع على تقدير الشكّ في بقائه على تقدير آخر.
وقد يقرّر عدم الاستصحاب بأنّ موضوع الحجّة هو الرأي ، وقد علمنا بزواله عند موته ويكون كمن تبدّل رأيه أو نسيه أو أُصيب بالجنون ، فلا يرجع إليه.