هذا ما يقال في مقام الإشكال على الاستصحاب ، إلّا أنّه أُجيب (١) بأنّ الحجّية حكم وضعي مجعول وليس انتزاعيّاً ، كالفوقيّة من الفوق ، بل كلّ مقنّن نافذ الرأي ما يجعله يكون حكماً سواء أكان تكليفيّاً أو غيره كالوضعي ، سواء أكان أصليّاً كالجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة أو تبعيّاً ، كما لو كان مجعولاً بتبع التكليف كالاستطاعة بالنسبة إلى الحجّ.
والحجّية الشرعيّة من الأحكام الوضعيّة دون الحجّية التكوينية التي هي بحكم العقل ، فلا يخلط بين الحجّيتين ، ففي التكوينيات انتزاعية غير قابلة للجعل لا أصلاً ولا تبعاً ، فإنّ المجعول ذات السبب كالنار ، لا السببيّة بين النار والحرارة ، فهي من لوازم الذات ، وأمّا في الشرعيات فهي اعتباريّة ، قابلة للجعل ، كقول الطالق : هي طالق.
ففتوى المجتهد الحيّ كانت حجّة شرعيّة حال حياته ، وبعد موته يستصحب ذلك ، فيتمّ المطلوب.
وإن نوقش في ذلك فيصحّ استصحاب الحكم الشرعي في مورد الحجّية الذي انتزعت منه ، وهو إمّا وجوب العمل أو جواز العمل على طبق فتوى هذا الفقيه في زمن حياته ، فيستصحب ذلك بعد موته.
وأمّا الإشكال الثاني فتوضيحه : أنّ الحجّية في التقليد متقوّم بالحياة ، وبعد الموت يرتفع الموضوع ، أو لا أقلّ من الشكّ فيه ، فلا مجال للاستصحاب حينئذٍ
__________________
(١) أجاب بذلك السيّد الإمام (قدسسره) كما حكاه الدرّ النضيد.