والعقل إجمالاً بمعنى القوّة الدرّاكة والنفس الناطقة ، وإنّه نور روحاني به تدرك النفس ما لا تدركه بالحواسّ ، وقد سمّي العقل عقلاً لأنّه يعقل صاحبه عن التورّط في المهالك أي يحبسه. وإنّها تختلف في مدركاتها كمّاً وكيفاً ، ومن ثمّ يكون التفاوت والاختلاف في العقول.
ومن الوجدانيات أنّه (خلق الناس متفاوتين) ، قال سبحانه وتعالى (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً)(١) ، (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ)(٢) ، فمثل هذه الآيات الكريمة تشير إلى اختلاف الناس في عقولهم وسلوكهم وأرزاقهم وغير ذلك ، حتّى في ألوانهم وأجسادهم وألسنتهم كلّ ذلك لحكمة ربانية وأنّه من العدل الإلهي كما هو ثابت في محلّه فالناس في عقولهم وإدراكاتهم مختلفون ، وينقسمون ابتداءً بالتقسيم الثنائي إلى عاقل وغيره وهو المجنون ، ثمّ العقلاء على طوائف ومراتب أهمّها :
١ ـ السفهاء : وهم من لا قدرة لهم على تمييز ما يصلح حالهم ، ويربح تجارتهم ، ويعظم أمرهم وما شابه. ففيهم خفّة عقل ونفس.
٢ ـ الحمقى : أُولئك الذين لهم قدرة التشخيص إلّا أنّهم يجهلون الأُمور الجارية بالعادة ، فتشخيصهم الخير من الشرّ يكون بعد صدور الفعل منهم ، فالأحمق قلبه وراء لسانه.
__________________
(١) نوح : ١٤.
(٢) البقرة : ٢٥٣.