واجتنابه عن المشتبهات فهو الأورع في مقام العمل.
وقيل : المراد منه في مقام الاستنباط إمّا بمعنى أنّ فحص أحدهما عن الدليل في استنباطه أكثر من المقدار المعتبر في الفحص عنه فيبذل جهده في الإحاطة بمدارك الأحكام ومسانيدها ، وإمّا بمعنى عدم الإفتاء في المسائل الخلافية واحتياطه فيها دون الآخر.
ثمّ حكى عن النهاية والتهذيب والذكرى والدروس والجعفرية والمقاصد العلية والمسالك وغيرها ترجيح الأورع من المجتهدين المتساويين في الفضيلة ، واستظهر الشيخ الأنصاري الشهرة على ذلك ، وحكى عن المحقّق الثاني الإجماع عليه.
قال الشهيد الثاني : إذا اجتمع اثنان فأكثر ممّن يجوز استفتاؤهم فإن اتّفقوا في الفتوى أخذ بها ، وإن اختلفوا وجب عليه الرجوع إلى الأعلم الأتقى ، فإن اختلفوا في الموضعين رجع إلى أعلم الورعين وأورع العالمين ، فإن تعارض الأعلم والأورع قلّد الأعلم ، فإن جهل الحال أو تساووا في الوصف تخيّر وإن بعد الفرض ، وربما قيل بالتخيير مطلقاً لاشتراك الجميع في الأهليّة وهو قول أكثر العامّة ، ولا نعلم به قائلاً منّا ، بل المنصوص عندنا هو الأوّل (١).
ولا يخفى أنّ الكلام في المسارة تارةً باعتبار عقل العامي من غير تقليد في أورع المجتهدين وأُخرى باعتبار نظر الفقيه المجتهد بحسب ما يستنبطه من الأدلّة.
__________________
(١) الدرّ النضيد ١ : ٣٢٨ ، عن منية المريد : ٣٠٤.