فالأوّل ما يدركه عقل العامي ابتداءً هو الرجوع إلى الأورع بل إلى كلّ من له مزيّة وخصيصة مرجّحة ذاتاً أو عرضاً.
وأمّا الثاني فالمسألة ذات صور :
فتارةً يعلم المجتهد موافقة أحدهما للآخر في الفتوى ، فلا تكون الأورعيّة مرجّحة حينئذٍ وأُخرى لا يعلم مخالفته للآخر ، فكذلك لا ترجيح للأورعيّة لقيام السيرة على ذلك. وإن علم بالمخالفة فالمشهور تقديم الأورع ، واستدلّ بوجوه :
الأوّل : الإجماع ، وهو كما ترى من طرح المسألة عند المتأخّرين ، وأنّه ربما يكون من المدركي الذي لا حجّية فيه بنفسه ، كما أنّه من المنقول الذي هو من الظنّ المطلق الذي ليس بحجّة.
الثاني : الأخبار ، كمقبولة عمر بن حنظلة ، قال (عليهالسلام) : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما وأورعهما ، ولا يلتفت إلى الآخر.
ونحوها : رواية داود بن حصين ، قال (عليهالسلام) : (ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفّذ حكمه ، ولا يلتفت إلى الآخر).
ومنها : المرسل المروي أنّه (لا يحلّ الفتيا إلّا لمن كان أتبع أهل زمانه برسول الله (صلىاللهعليهوآله)).
وأُجيب : أنّها وردت في القضاء ، وإلحاقه الإفتاء به دونه خرط القتاد ، لخصوصيّة القضاء باعتبار رفع الخصومة المطلوبة شرعاً كما مرّ سابقاً ، والمرجّح في القضاء لا يلزمه أن يكون مرجّحاً في باب الإفتاء والتقليد ، كما أنّ بعض الروايات ضعيفة السند ، كما أنّ مفروضها ترجيح الأورعيّة في أصل التقليد لا في مورد