ويرد عليه ما ورد في المعاني السابقة ، فما ذكره من باب تعريف الشيء بلوازمه كما هو الظاهر ، فيكون المراد من الأعلم من كان أشدّ ملكةً للاستنباط من غيره ، فإذا كان المراد من الأشدّية بمعنى أكثر علماً بالفروع والمسائل فهو المعنى الأوّل ، وإن كان بمعنى أجود استنباطاً فهو المعنى الثاني ، وإن كان بمعنى أكثر انكشافاً أو أقوى مبنى أو أشدّ اقتداراً ، فهو المعاني الأُخرى القابلة للنقاش.
ثمّ السيّد الأُستاذ يرى الاختلاف في هذه الأوصاف الثلاثة للمجتهد كونه عارفاً بالقواعد والمدارك ، وكونه مطلعاً على الأخبار والمسائل ، وكونه فهيماً للأخبار فإنّ الوصف الأوّل أقوى تأثيراً لتحقّق ملكة الاجتهاد وأمّا الوصفان الآخران فلهما تأثير أقوى في تحقّق فعليّة الأعلميّة.
فيقول : وإذا تعارضت الأوصاف بأن يفرض هناك مجتهدون ثلاثة كلّ واحد منهم قوي في أحد هذه الأوصاف. فمن هو الأعلم منهم؟ ولعلّ المقدّم يدور بين الموصوف بأحد الوصفين الأخيرين (١).
ولكن الظاهر أنّ الأوصاف هذه إنّما هي من لوازم الأعلميّة لا نفسها ، فعند اجتماعها تتحقّق الأعلميّة.
فالأولى أن يقال : لمّا كان لزوم تقليد الأعلم احتياطاً كما ذهبنا إليه باعتبار بناء العقلاء ومن باب حكم العقل باعتبار قاعدة الاشتغال ، وأنّه لم ترد كلمة الأعلم وتقليده في آية أو رواية خاصّة ، فلم يكن بتعبّد شرعي حتّى يعرف
__________________
(١) الاجتهاد والتقليد ؛ السيّد رضا الصدر : ٣٠٢.