فالقاطع بزعمه يرى الواقع على ما هو عليه ، فيصحّ للمولى أن يحتجّ به فيكون منجّزاً وكذلك يصحّ للعبد الاحتجاج به فيكون معذّراً ، فالقاطع بزعمه يرى الواقع ، وبهذا يحتجّ عليه كما يحتجّ به من دون جعل تشريعي.
فلا يمكن لأحد أن يردع القاطع عن قطعه ، إلّا أن يهدم مقدّمات قطعه ، والنتيجة تابعة لأخسّ المقدّمات كما هو واضح ، كمن يقطع من طريق القياس ، فإنّه نبطل القياس فيبطل قطعه ، كما في قصّة أبان بن تغلب مع الإمام الصادق (عليهالسلام) في مسألة قطع أصابع المرأة وقوله (عليهالسلام) : (مهلاً يا أبان ، هذا حكم رسول الله ، يا أبان ، أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست محق الدين) (١).
فنتصرّف في مقدّمات القطع ، أو كما قيل يتصرّف في المتعلّق لا في العلم (٢) ، فلا يحصل العلم بالحكم من طريق القياس مثلاً ، وبهذا أراد الأخباريون نفي العلم الحاصل من غير الكتاب والسنّة ، على أنّ الشارع من حقّه أن يحدّد حجّية القطع بلحاظ حصوله من بعض المبادي ، وإن كان حجّية القطع ذاتية لا تنالها يد الجعل لا إثباتاً ولا نفياً ، فهذا باعتبار أصل الحجّية وذاتيّتها ، وتضييق الشارع وتحديده إنّما هو باعتبار متعلّقات القطع أو مقدّماته ، فما دام لم يثبت تحديد الشارع فلا ينبغي الإشكال في حجّية العلم الوجداني والقطع اليقيني في إثبات متعلّقه.
فلا إشكال في ثبوت الاجتهاد أو الأعلميّة بالعلم الوجداني مطلقاً من أيّ
__________________
(١) الوسائل : كتاب الدية ، باب ٤٤ من أبواب دية الأعضاء ، الحديث ١.
(٢) عن المحقّق النائيني (قدسسره).