فنقول : لقد خلق الله سبحانه الإنسان مركّباً من روح وجسد ، فهو ذو بُعدين : معنوي ومادي ، فروحه من عالم المعنى من الروح الإلهية (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)(١).
وبهذا يكون في الإنسان نزعة معنوية وروحية ومثالية إلهية ، وجسده من عالم العناصر الماديّة من التراب والماء وغيرهما ، وبهذا يكون له نزعة مادية وطبيعية عنصرية.
وإنّه بروحه وجسده في سير تكاملي ، كما أنّ فلسفة خلقته وسرّ حياته (٢) هو الوصول إلى كماله المنشود المودع في ذاته من خلافته لله سبحانه في أرضه وخلقه ، واتّصافه بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا فيكون مظهراً لها ، ويتخلّق بأخلاق الله جلّ جلاله حتّى تتجلّى فيه الأسماء والصفات كما في الإنسان الكامل الذي لولاه لساخت الأرض بأهلها ، وهم الأنبياء والأوصياء (عليهمالسلام) ، ثمّ ورثتهم الأمثل فالأمثل من العلماء الصالحين والناس المؤمنين.
ثمّ السير التكاملي والكمال الممكن في الممكن لذاته ، إنّما هو من الكلّي المشكّك ، له مراتب طولية وعرضية ، عمودية وأُفقيّة ، وبداية كمال الإنسان الذي يتوجّه إليه الخطابات الإلهية والتكاليف الشرعية والوظائف الدينية ، ويكون مكلّفاً شرعاً باعتبار روحه هو العقل ، وباعتبار جسده هو البلوغ.
__________________
(١) الحجر : ٢٩.
(٢) لقد ذكرت تفصيل ذلك في (سرّ الخليقة وفلسفة الحياة) مطبوع ، فراجع.