باعتبارين : تارة باعتبار النظر إليه مجرّداً عن الشرائط الأُخرى المعتبرة في المجتهد كالعدالة والحياة ، وأُخرى مع ملاحظتها ، بمعنى أنّه يبحث في شرط البلوغ أنّه هل يصحّ الرجوع إلى المجتهد الجامع لجميع الشرائط ما عدا البلوغ أم لا يصحّ ، بل لا بدّ من بلوغه أيضاً؟
فقيل : الظاهر أنّ مورد البحث هو الثاني ، فما يقال في الإشكال على عدم اعتبار البلوغ ، أنّه لا يطمئنّ إلى آراء الصبي واستنباطه بعد رفع القلم عنه ، وأنّه لا رادع له في ارتكاب المعاصي ، لا وجه له. وفيه تأمّل.
ثمّ اختلف الأعلام في اشتراط واعتبار البلوغ ، فمنهم من نفى ذلك ، ومنهم من أثبت.
حجّة النافين وجوه :
الأوّل : بناء العقلاء ، فإنّهم يرجعون إلى الصبيان أصحاب الصنعة والخبرة ، كما يرجعون إلى الطبيب الصبي من غير احتشام.
وأُجيب عنه : بأنّ ذلك من الفرد النادر والنادر كالمعدوم ، ثمّ مسؤولية المرجعية تختلف عن مثل الطبّ الذي هو مجرّد علم ، فإنّ المرجع على عاتقه زعامة المسلمين فكيف يفوّض إلى صبيّ وهو موضع اتهام.
الثاني : الإطلاقات الواردة في أصل التقليد ، فإنّها تصدق على غير البالغ أيضاً بأنّه من أهل الذكر ، وأنّه العالم والناظر في الحلال والحرام ، والراوي للحديث.
وأُجيب عنه : بالانصراف فإنّه يمنع الإطلاق ، فإنّه ينصرف إلى