غير موضع غيرة (١).
ووجه الاستدلال واضح.
ونقول : باعتبار بناء العقلاء من رجوع الجاهل إلى العالم ، وأنّهم لا يميّزون في ذلك بين المرأة والرجل ، كما كان في البلوغ والإيمان والعدالة ، وكذلك باعتبار إطلاق أدلّة التقليد ، والرجوع إلى أهل الذكر والفقيه والناظر في الحلال والحرام وغير ذلك ، يقال بعدم اشتراط الرجولة ، إلّا أنّه مع هذه الوجوه المذكورة التي يعلم من مجموعها وإن كان بعضها قابلاً للنقاش سنداً ودلالة ، إنّ الرجولة شرط في المجتهد ومرجع التقليد ، وهذا ما يستفاد من روح الشريعة ومذاق الشارع.
كما أشار إلى ذلك بعض الأعلام قائلاً : والصحيح أنّ المقلّد يعتبر فيه الرجولية ولا يسوغ تقليد المرأة بوجه ، وذلك لأنّا قد استفدنا من مذاق الشارع أنّ الوظيفة المرغوبة من النساء إنّما هي التحجّب والتستّر وتصدّي الأُمور البيتية ، دون التدخّل فيما ينافي تلك الأُمور ، ومن الظاهر أنّ التصدّي للإفتاء بحسب العادة جعل النفس في معرض الرجوع والسؤال لأنّهما مقتضى الرئاسة للمسلمين ، ولا يرضى الشارع بجعل المرأة نفسها معرضاً لذلك أبداً ، كيف؟ ولم يرضَ بإمامتها للرجال في صلاة الجماعة فما ظنّك بكونها قائمة بامورهم ومدبّرة لشؤون المجتمع ومتصدّية للزعامة الكبرى للمسلمين.
__________________
(١) نهج البلاغة : ٣١ ، ويقول محمّد عبده : (أين هذه الوصيّة من حال الذين يصرفون النساء في مصالح الأُمّة ، بل ومن يختصّ بخدمتهن كرامة لهن).